ماهي مهارة توكيد الذات وأهميتها

تعتبر مهارة توكيد الذات من المهارات الغاية في الأهمية والتي يجب أن يمتلكها الشخص؛ وذلك لأنها تمكنه من أن يكون إنسانًا سويًا قادرًا على التعامل مع الآخرين بمختلف معتقداتهم وطريقة تفكيرهم خاصة في الزمن الذي نعيش فيه المليء بالضغوطات والمشاكل وأُناس ألسنتهم كالسيوف، لذا تابع معنا المقال بتركيز لتعلم كل شيء عن هذه المهارة والمهارات الفرعية التي تندرج تحتها، ونعدك أنك ستخرج بمعلومات تساعد في إعادة النظر في تصرفاتك وفي رؤيتك لذاتك.

تعريف مهارة توكيد الذات

مصطلح ليس بجديد، بل نسمعه بشكل مستمر من مدربي التنمية البشرية والمتخصصين في هذا المجال، ومعناه قدرة الشخص على التعبير عن مشاعره وأفكاره ومعتقداته في أي وقت وأمام أي شخص آخر حتى لو كان ذا سلطة أو مكانة كبيرة، ويعرف أنه يستحق كل نجاح وكل تقدير.

فالشخص الذي يمتلك هذه المهارة لا يخشى من قول كلمة لا ولا يقدر أي شخص أن يضغط عليه أو أن يقنعه بشيء خاطئ، أي أنه شخص ذكي، واثق في نفسه داخليًا وخارجيًا، يعبر عن رأيه بقوة ولباقة حتى ولو كان معارضًا لجميع من حوله، ولكن بطريقة لائقة بعيدة عن  العدوان والإهانة للطرف الآخر.

أهمية مهارة توكيد الذات

لمهارة توكيد الذات أهمية كبيرة جدًا، يكفي أنها تُشعر صاحبها بالثقة والنجاح والتقدير ورغبة الآخرين في التقرب منه، كما تساعده على التعامل مع المحيطين بمختلف وجهات نظرهم واعتقاداتهم ومشاعرهم، كما تساعد على أن يكون شخصية مسيطرة ولكن بالعقل وليس بالقوة، وتتمثل أهميتها في التالي:

1. التصدي للإهانة وتنمر

الأشخاص المتنمرون محاوطون لنا في كل مكان، في المدرسة والجامعة ومكان العمل ومواقع التواصل الاجتماعي، والأكثر من ذلك أن منهم من هم أقاربنا ومقربون لنا، وإن لم يكن لدينا قدرة على مواجهتهم ستتحطم حالتنا النفسية وندخل في مشاكل تنتهي بالذهاب للعيادة النفسية، والشخص الذي يمتلك مهارة توكيد الذات قادر على التصدي لكل هذا؛ لأنه مقدر لذاته، يعرف قدراته وإمكاناته، يستطيع أن يأخذ حقه وأن يُوقف كل شخص عند حده.

2. إجبار الآخرين على احترام العقل

ذكرنا أن الشخص الذي يتمتع بمهارة توكيد الذات قادر على الدفاع عن معتقداته بالحجة والدليل، وهذا يعني أن من يحدثه يفكر ألف مرة وهو يتحدث معه ويتخير الطريقة الذي سيقنعه به، فهو شخص غير قابل لغسيل المخ الذي يعني إقناعه بأن أفكاره خاطئة ومحاولة زرع أفكار جديدة ثم البدء في عملية الإقناع بها. وهذا لا يعني أنه شخص متشبث برأيه في المطلق ولكنه يحتاج إلى أدلة قوية لكي يقتنع.

3. الاحتراف في التعبير عن المشاعر

تساعد هذه المهارة على التعبير عما يشعر به الشخص، وقد يتبادر إلى ذهنك سؤال: هل التعبير عن المشاعر يحتاج إلى مهارة؟ بالطبع نعم؛ لأنك من الممكن أثناء تعبيرك عن مشاعرك أن تجرح مشاعر الآخر، وهنا نقصد التعبير عن المشاعر مع مراعاة مشاعر الطرف الآخر؛ وذلك لأن من يتمتع بهذه المهارة شخص حساس ولديه (إمباثية) وتعني أن يضع الشخص نفسه مكان الآخر قبل أن يلفظ بكلمة تجرحه.

4. تنمي القدرة على الاعتراض

من أهمية هذه المهارة أنها تساعد الشخص على قول كلمة لا على أي شيء مجبر عليه يخالف مشاعره واعتقاداته، فلا أحد يستطيع أن يجبره على اختيار معين أو أن يقول له ما لا يرضيه، وهناك نسبة كبيرة من الأشخاص مصابون بما يسمى بـ (التنافر المعرفي)، أي يعتقدون في شيء ولكن لا يستطيعون أن يطبقوه؛ لأنهم مجبرون وليس لديهم القدرة على الاعتراض.

كلمة (لا) لديها قدرة كبيرة على حماية الشخص من الحالة النفسية السيئة، فما أبشع الشعور بأنك مُجبر على شيء ولكن تخاف من الاعتراض عليه، فعليك أن تبدأ من الآن في الاعتراض بشجاعة؛ حتى لا تدخل في هذه الدوامة التي تنتهي بالتعب والكسرة.

أشكال الدفاع عن الذات

لكل شخص طريقته الخاصة في الدفاع عن نفسه، ونلخصهم في ثلاثة أشكال، الشكل الأول هو الشكل العدائي الهجومي، والثاني هو الشكل السلبي الهروبي، والثالث هو سلوك توكيد الذات، ونتناول هذه النقطة لكي نوضح مهارة توكيد الذات بشكل أفضل لتصل لك الصورة بالشكل المطلوب.

1. الشكل العدائي الهجومي

وهو بمثابة محاولة لإجبار الآخرين على احترامه وتقديره وذلك عن طريق القوة والسيطرة والإذلال، فالجميع يخطئ وهو لا يخطئ، هو دائمًا شخص ناجح، هذا هو الشكل الخارجي للشخص، ولكن ماذا عن نظرته لذاته؟ يعرف أنه يُظهر عكس ما يُبطن ويُحرج من نفسه ولا يحترمها ويشعر أنه شخص أناني.

2. الشكل السلبي الهروبي

صوته منخفض، ليس لديه قدرة على قول أنا أريد كذا، وإذا أصابته الشجاعة لقول ما يريد يكون مترددًا صوته منخفض، وبالتالي يعطي للآخر انطباعًا أنه شخص خاضع مستسلم لا يجرؤ على طلب حقه، مما يجعل الآخر يتحكم فيه، ويحاول أن ينال رضا الآخرين بأي شكل، أما بداخله فيشعر بالضيق والتوتر وعدم اهتمام الآخرين بشأنه، وينتهي الأمر في النهاية إلى موجة من الغضب.

3. شكل توكيد الذات

هنا يعبر الشخص عن رأيه بمنتهى العقلانية والاحترام والثقة بالنفس والهدوء، وبهذا يجبر الآخرين على احترامه بعيدًا عن التسلط والعدوانية وفرض الرأي، فهو شخص يعرف كيف يصل في النهاية إلى ما يريد، ويرى في نفسه أنه ناجح يعرف كيف يصل إلى هدفه بدون صراع أو خصومة مع الغير، وهذا يدفع عن صدره الضيق والتوتر.

اقرأ أيضاً: مهارة توسيع فكرة التنمية البشرية 

العلامات الدالة على ضعف مهارة توكيد الذات

الشخص الذي لا يمتلك هذه المهارة يتسم بمجموعة من السمات التي تميزه، اقرأ وانظر إلى أي مدى تنطبق عليك هذه العلامات:

  • مفتقد للقدرة على قول كلمة (لا) وقت حدوث موقف الاعتراض وبطريقة مناسبة.
  • محاولة نيل رضا الغير حتى ولو كنت غير مقتنع، ومجاملته على حساب نفسك، تابع ومساير له بدون اعتراض.
  • محتقر لذاتك تشعر أنك لا تستحق الاحترام والتقدير.
  • دائمًا ما تشعر بالذنب وضميرك يؤنبك لدرجة جلد الذات، وتلقي على نفسك اللوم دائمًا وأنك السبب في أي مشاكل تقع فيها.
  • مراعاة مشاعر غيرك على حساب مشاعرك، فعل سبيل المثال تتعرض للإهانة من شخص ما ولكنك لا تستطيع رد الإهانة له لأنك تخاف أن تجرحه.
  • تعتذر كثيرًا، أي تقول (أنا آسف) (أنا اعتذر) حتى ولو كان الموقف لا يستدعي أو لا يستحق الاعتذار.
  • لا تستطيع أن تعبر عن آرائك وغضبك وانفعالاتك ورغباتك خوفًا من رد فعل الآخر.
  • تجد نفسك غير قادر على أن تعبر عن وجهة نظرك الشخصية المخالفة لجميع من تجالسهم.
  • غير قادر على التراجع عن قرار خاطئ اتخذته، بل تسير فيه وتتحمل ضغوطاته وعواقبه النفسية.
  • تجد نفسك غير قادر على المواجهة، وعدم القدرة على النظر في عين الطرف الآخر؛ وتصرف نظرك في أي مكان آخر.
  • تهرب دائمًا من مواجهة أي مشكلة، وتؤجل المهام والواجبات المطلوبة منك.

المهارات الفرعية لتوكيد الذات

بعدما تحدثنا عن مهارة توكيد الذات بالتفصيل سنعرض المهارات المتفرعة منها، فهناك ثمان مهارات لابد أن تكون متوفرة فيك لكي تحكم على نفسك أنك شخص مؤكد لذاتك، كالتالي:

1. المهارة الأولى: المصارحة

فعليك أن تكون صريحًا مع الطرف الآخر، فعلى سبيل المثال إذا طلبت المساعدة من شخص ما واكتشفت أنه يمدك بمعلومات مغلوطة، هنا عليك أن تواجهه بطريقة لائقة وأن تصارحه بأنك تعلم بكل هذا.

2. المهارة الثانية: المساومة

تعني أن تتفاهم مع الشخص الذي تحدثه بذكاء لكي تصل إلى هدفك، فعلى سبيل المثال ذهبت إلى محل ملابس لشراء قميص يعجبك وعندما سألت على سعره وجدته مرتفعًا، هنا عليك أن تساوم أو تتفاوض مع البائع ليقلل من سعره.

3. المهارة الثالثة: مواجهة الآخرين

عليك أن توصل للآخر أنه مخطئ ولكن بطريقة لائقة بحيث لا تحرجه ولا تدخل في مشاكل، وعلى سبيل المثال شخص يريد أن يأخذ دورك في صف الانتظار، فعليك أن تقول له أن هذا الأمر غير لائق ويضايقك ولكن بطريقة مهذبة بحيث لا تسبب حرجًا له.

4. المهارة الرابعة: الحقوق الخاصة

عليك أن تكون لبقًا وماهرًا عندما يتعلق الأمر بحق من حقوقك الخاصة، فعلى سبيل المثال اشتريت هاتفًا غالِ الثمن وعندما عدت للمنزل اكتشفت أن به مشكلة كبيرة، فهنا يجب أن تذهب إلى المتجر لتتناقش مع البائع بلباقة حتى تسترد نقودك.

5. المهارة الخامسة: توجيه النقد

بمعنى أن تعلق على تصرفات الطرف الآخر بطريقة مهذبة بحيث تراعي مشاعره، فعلى سبيل المثال الحديث مع صديقك المقرب لكي يعدل بعض تصرفاته لأنها تنفر الناس منه.

6. المهارة السادسة: إبداء الإعجاب والمدح

أن تتعلم الشكر والثناء على الغير إذا قام بفعل صحيح، فمثلاً تشكر زوجتك إذا أعدت لك طبخة لذيذة تحبها، فالشخص الذي يتمتع بهذه المهارة يتمتع بحب الناس ورغبتهم في الجلوس معه بسبب كلماته الرقيقة الجميلة.

7. المهارة السابعة: الاستفسار وطلب التوضيح

الشخص المؤكد لذاته يحب أنه يكون على علم ودراية بكل جديد وإذا لم يفهم شيئًا لا يتردد ولا يخجل ويبدأ في السؤال، وهذا هو الفارق بينه وبين الشخص الذي يرى أن طلب الاستفسار يجعله يبدو غبيًا أو لا يفهم.

8. المهارة الثامنة: القدرة على قول لا

تحدثنا عن هذه النقطة في السطور السابقة، وهي تعني الرفض أو الاعتذار ولكن بطريقة مهذبة، فمثلاً يرغب زملاؤك في أن تحضر معهم مباراة لكرة القدم ويطلبون ذلك بإلحاح ولكنك لا تود الحضور، فعليك هنا أن تعتذر ولكن بطريقة مهذبة.

بيًّنا أهمية مهارة توكيد الذات وكيف تجعل صاحبها متميز بين المحيطين ومحبوب ومصدر ثقة، يحب الناس الحديث معه، ويتمتع بشخصية جذابة ساحرة كاريزمية، شجع نفسك وابدأ في اكتساب هذه المهارة من اليوم، ولا تنس المهارات الفرعية لتوكيد الذات، ستتغير شخصيتك بشكل كبير إلى الأفضل وسترى هذا في أعين من حولك.

اقرأ أيضاً: ماهي مهارات الإدارة في العمل

المراجع

  1. Merriam-Webster .. self-assertion
  2. Self-assertion Definition & Meaning – Dictionary.com
  3. Best 4 Definitions of Self-assertion – YourDictionary
قد يعجبك ايضا