نظرية الشبكة الإدارية في القيادة

القيادة  سلسلة متراكبة المهارات؛ لا تخلو من الكفاءة في إحداث التوازن بين الإنتاجية واحترام العاملين داخل المنظمة في الوقت ذاته، لذا فإن نظرية الشبكة الإدارية في القيادة هي تصنيف واضح لأنواع القادة، وأنماط الإدارة وطرق التعامل مع طرفي القيادة وهما الإنتاجية والمرؤوسين، لتحقيق استقرار المنظمة وكفاءة إنتاجها وإسعاد أفرادها وتحقيق الرضا الوظيفي لهم، إذًا ما هي تلك النظرية؟ وما هي أنماط القادة وفقًا لها؟ التفاصيل في السطور القادمة.

مفهوم نظرية الشبكة الإدارية

نموذج إداري تم وضعه لفهم وتحليل أنماط القيادة التي يمكن لقائد المؤسسة اتباعها لتحقيق النجاح والاستقرار، فهي عبارة عن مجموعة من النوافذ التي يطل منها القائد على طرق وتوجهات إدارية تساعده على تحقيق أهداف الإدارة ونمو انتاجية المؤسسة، مع توازي ذلك مع كسب ثقة العاملين وإشباع احتياجاتهم.

تقوم نظرية الشبكة الإدارية على منح القائد مرونة في طرق تعامله مع مرؤوسيه؛ فمن الخطأ أن يتبع القائد نمط قيادي ثابت لا يتغير؛ لأن المهارة الأهم في القائد هو المرونة في التعامل مع المواقف التي تحدث داخل بيئة العمل، وهو ما يعرف باسم القيادة الموقفية التي تتغير بتغير المواقف وبالظروف الراهنة، وهو ما سينعكس على نتائج المؤسسة وعلى الحالة المعنوية والنفسية للعاملين بها.

نشأة نظرية الشبكة الإدارية في القيادة

تعود جذور هذه النظرية لعام 1964م حينما وضع روبرت بليك وجين موتون نموذج إداري لتصنيف أنماط القيادة أو السلوك الإداري، حيث اكتشفا وجود الكثير من المساوئ في نظرية إكس لدوجلاس ماكجريجور للإدارة، حيث كانا يشغلان وظيفة مستشارين لإكسون، فبدأوا في تحليل العلاقة بين استقرار المؤسسة وبين أنماط القيادة الخمسة في الشبكة الإدارية حيث تم الربط بين الاهتمام بالإنتاج والاهتمام بتحفيز العاملين).

يشتمل نموذج الشبكة الإدارية على محورين رأسي وأفقي، يشير المحور الأفقي (س) إلى الاهتمام بالعاملين أو الأفراد، والمحور الرأسي (ص) إلى الاهتمام بالإنتاج، وضع النموذج خمسة أنماط للقيادة من خلال مقياس مكون من 9 درجات وهي (1/1)، (1/9)، (9/1)، (5/5)، (9/9)، يشير الرقم باليمين إلى درجة الاهتمام بالإنتاج، أما الرقم باليسار فيعني درجة الاهتمام بالعاملين والموظفين.

تم توزيع درجات المقياس على الأنماط الخمسة للقيادة بالشكل التالي:

  • (1/1) الإدارة المتساهلة أو السلبية.
  • (1/9) الإدارة السلطوية أو العلمية.
  • (9/1) الإدارة الاجتماعية
  • (5/5) الإدارة المتأرجحة.
  • (9/9) الإدارة الجماعية

أولًا الإدارة المتساهلة أو السلبية (Impoverished Management))

هو أقل أنماط القيادة من حيث الجودة والمرونة، لذا تعرف باسم القيادة الفقيرة، فالقائد بها لا يولي أي اهتمام بالإنتاج داخل المؤسسة، ولا بالعاملين بها، وهو ما ينعكس على المؤسسة، حيث لا تحقق أي إنتاجية أو دخل، بالإضافة إلى تدني درجة الرضا الوظيفي لدى العاملين بها، مما يؤدي إلى شيوع الصراع بين العاملين وبين التدرجات القيادية الموجودة بالمنظمة.

ثانيًا الإدارة السلطوية أو العلمية Scientific Management

القيادة في هذا النمط الإداري تعتمد كليًا على مبادئ نظرية فرديريك تايلور والتي نادى فيها بالاهتمام بالإنتاج فقط، مقابل إهمال العاملين في المؤسسة وعدم تحقيق أي درجة من درجات الرضا الوظيفي، لذا تحقق هذه القيادة إنتاج أعلى للمؤسسة، حتى ولو كان على حساب الموظفين بها، حيث يستخدم القائد سلطته في فرض أوامره على المرؤوسين، فالإدارة الأوتوقراطية هنا يتوجب على الأفراد الانصياع لأوامر القائد من أجل تحقيق الهدف الأهم له وهو تحقيق النتائج.

اقرأ أيضاً: القيادة الاستراتيجية ومكوناتها وعيوبها

ثالثًا الإدارة الاجتماعية Social Management

القائد في هذا النمط إنساني من الدرجة الأولى؛ حيث يكون الاهتمام بالأفراد أكبر من اهتمامه بمعدل الإنتاج أو نتائج المؤسسة، ينصب اهتمام هذه الإدارة على تحقيق أعلى معدل للرضا الوظيفي للعاملين حتى ولو على حساب الإنتاج، من خلال توفير كافة احتياجاتهم، وحل مشكلاتهم، وتقدير العلاقات الإنسانية بالمؤسسة، وحل أي خلافات أو صراعات بين موظفيها، لذا تعرف باسم إدارة الترفيه.

رابعًا الإدارة المتأرجحة Pendulum Management

يعرف باسم إدارة منتصف الطريق، فالقائد في هذا النوع من الإدارة لديه مرونة وأبعاد مختلفة للتعامل داخل المؤسسة، فتارة يلجأ للضغط على العاملين من أجل الإنتاج (الإدارة العلمية) وتارة يتساهل مع العاملين (الإدارة الاجتماعية)، لذا تم تشبيهها ببندول الساعة الذي يتحرك بين أنماط القيادة بناءً على الموقف العام للمؤسسة والعاملين بها، ففي حال تدني معدل الإنتاج قد يتطلب الأمر تطبيق الإدارة العلمية وفرض أوامر وعقوبات على الموظفين، وفي حال وجود خلل في الرواتب والأجور أو تدني في مستوى الخدمات المقدمة يحتاج القائد إلى الإدارة الاجتماعية وهكذا.

لذا تقوم هذه الإدارة على تحقيق التوازن بين عنصري الإدارة وهما الإنتاج والأفراد من أجل تحقيق الأهداف المطلوبة فقط، لذا يحتاج القائد هنا إلى بعد نظر لمعرفة النتائج المحتملة عند تطبيق كل من أنماط القيادة السابقة، وكيف يمكن تحقيقها.

خامسًا الإدارة الجماعية Team Management

تعرف باسم إدارة الفريق، وهي النمط الإداري الأكثر شيوعًا في المؤسسات والمنظمات الحديثة، يعتمد القائد فيه على الاهتمام بعنصري الإدارة، حيث يوازن بين اهتمامه بالإنتاج وتحقيق أفضل النتائج للمؤسسة، وبين تحقيق معدل أعلى للرضا الوظيفي للعاملين بها، كما يعتمد القائد في تحقيق أهداف المؤسسة على ركيزة الفريق أو العمل الجماعي كركيزة أساسية لنجاح أي مؤسسة.

كما تنطلق مبادئ هذا النمط الإداري للقيادة من أهمية العنصر البشري في نجاح أي مؤسسة، وتحقيق معدلات نجاح واستقرار للمؤسسة، فيرى القائد أن إشباع احتياجات الأفراد الإنسانية وتوفير جو من الاستقرار والأمان والود والإخاء بينهم يمثل بيئة مناسبة لتحقيق معدلات الإنتاج المطلوبة، كما تقوم الإدارة الجماعية على أهمية مشاركة الموظفين للقادة في رسم الخطط وتوزيع المهام، وكيفية التنفيذ وأساليب العمل.

تطور نظرية الشبكة الإدارية في القيادة

لم تقف أسس نظرية الشبكة القيادية عند توزيع أنماط بليك وموتون فقط، بل ظلت قيد البحث لسنوات من قبل متخصصي الإدارة والمؤسسات، حتى قام كلًا من بلاك، وماكنزي في أواخر الثمانينات بإضافة نمطين إلى الأنماط القيادية الخمسة في نظرية الشبكة الإدارية في القيادة وهما:

الإدارة الأبوية

هي إدارة مركبة تعتمد على كلٍ من الإدارة السلطوية أو العلمية والإدارة الاجتماعية، لذا تم ترميزه بـ (9+9)، من أجل التمييز بينه وبين الإدارة  الجماعية (9/9)، تعتمد الإدارة الأبوية على النمطين الأكثر تناقضًا في نظرية الشبكة الإدارية، حيث يكون القائد متعاطفًا مع مرؤوسيه طالما تسير الأمور بجدية، ولكن في حال التقصير أو الخطأ يصبح قاسيًا معهم، ويتبع أسلوب الأمر والنهي ويفرض سلطاته، لذا سمي هذا النمط بالإدارة الأبوية كتشبيه للأب الذي يتعامل بلطف وود، ويتعامل بصرامة في بعض الأحيان الأخرى.

الإدارة المنقلبة

هي النمط الشامل للأنماط الستة السابقة، وهو استخدام القائد لأي نمط منهم يراه مناسبًا للموقف، أو لظروف المؤسسة، من أجل تحقيق الأهداف العامة والخاصة وتحقيق معدلات إنتاج أفضل، وتوفير بيئة آمنة مستقرة للأفراد.

استخدام نظرية الشبكة الإدارية

تعتبر نظرية الشبكة القيادية واحدة من أفضل نظريات تحليل أنماط الإدارة في المؤسسات، لتوصيف أنماط القيادة، لذا يفضل أن يكون القائد دارسًا قبل أن يكون متمرسًا لأهم أسس ومبادئ الإدارة التي تؤهله للقيام بمهامه القيادية على أفضل وجه، لذا يمكن أن نقول أن استخدام نظرية الشبكة الإدارية في القيادة له عدة مهام:

  • تأهيل القائد للتعامل مع الآخرين من المرؤوسين والعاملين بالمؤسسة.
  • فهم كيفية إبداء رد الفعل على المواقف المختلفة التي يتعرض لها.
  • القدرة على التعامل البناء مع النقد وتقبله.
  • تعلم مهارات اتخاذ القرار والمبادرة في تنفيذ المهام.
  • اكتساب مهارة فض الصراعات والمنازعات بين المرؤوسين والأفراد.
  • تعلم المرونة في استخدام أنماط القيادة لتحقيق أهداف المؤسسة.
  • التوازن بين عنصري العمل (الإنتاج والمرؤوسين).
  • تعلم كيفية التعامل مع إخفاقات الفريق أو المشكلات التي تواجه المؤسسة.
  • تحليل وتدريب القادة على اكتساب مهارات الإدارة الفعالة.

مميزات نظرية الشبكة الإدارية في القيادة

لكل نظرية إيجابياتها وسلبياتها التي يبني عليها الباحثون اللاحقون أسس وفروض نظرياتهم الجديدة، ومن أبرز فوائد تطبيق نظرية الشبكة الإدارية في القيادة:

  • تفيد الشبكة القيادية في تحقيق قابلية أنماط القيادة للقياس من خلال النموذج المكون من محوري الأفراد والإنتاج.
  • يمكن الاستناد إلى نموذج الشبكة الإدارية لمعرفة مشكلات العلاقة بين القائد والعاملين، وإجراء المناقشات حولها من اجل وضع حلول عملية لها.
  • تساعد هذه النظرية في تحقيق مكاسب ونتائج أفضل للمؤسسات بطرح أنماط إدارة مختلفة للقيادة.
  • تطبيق إجراءات التحسين من الأداء المؤسسي.

سلبيات نظرية الشبكة الإدارية

لا توجد سلبيات كبيرة لتطبيق نظرية الشبكة الإدارية في القيادة، ولكن مع وضع عدد من النماذج والنظريات فيما بعد أوضح بعض نقاط الضعف في النظرية منها:

  • تجاهل الشبكة الإدارية للسلوك الخاص بكٍا من القادة والعاملين أو المرؤوسين، وهو ما يصعب من تصنيف النمط الإداري الذي يستخدمه القائد.
  • وجود أنماط قيادية أخرى لم تتطرق لها النظرية، ولها علاقة قوية بالقيادة الإدارية.
  • تجاهلها لبيئة العمل وما بها من مشكلات، بالإضافة إلى المجتمع والقيود الخارجية للمؤسسة وتأثيرها على أنماط القيادة.

بوجه عام استند المتخصصون لفروض ومبادئ نظرية الشبكة الإدارية في القيادة لوضع أنماط القيادة التي يمكن أن يصنف سلوك القائد وفقًا لها، بالإضافة إلى طرحها بدائل للسلوك القيادي لتمنحه مزيد من المرونة في إدارته للفريق.

اقرأ أيضاً: القيادة التشاركية لها أنواع اختر ما يناسبك

قد يعجبك ايضا