مهارات فن التفاوض والإقناع

إذا كنت إداري أو صاحب شركة أو تطمح في تطوير مهاراتك وقدراتك؛ فلابد من تعلم مهارات التفاوض والإقناع؛ فهي أداء قوية للنجاح والحصول على المكافآت والتأثير في من حولك، فالإنسان الناجح يتمكن من كسب الأشخاص وتحقيق الانجازات له وللمؤسسة عبر تطبيق مراحل التفاوض للوصول للإقناع، لذا تابع معنا السطور القادمة.

أهمية التفاوض والإقناع وهل هناك فارق

حياة كل شخص منا عبارة عن تفاوض وحوار ونقاش، كل إنسان يحاول إقناع زملائه بالعمل أو المدراء أو حتى الأهل والأصدقاء بأفكاره واقتراحاته فمن المهم معرفة فن التفاوض والإقناع وكيف يمكن إتقان هذا الفن، خاصةً أن هذه المهارة مطلوبة بكل المجالات مثل المال والأعمال والسياسة والأديان.

يكمن الفرق بين التفاوض والإقناع بأهداف كلاً منهما؛ حيث أن التفاوض يعني عملية حوار بين طرفين أو أكثر فيما يخص مشكلة أو موضوع معين ومحاولة التوافق بين الآراء وتحقيق اتفاق بين الطرفين لتحقيق المصلحة بينهما، وقد يقدم طرف تنازلات من أجل حل القضية أو الموضوع والاتفاق، أما الإقناع فهو عملية حوار بين طرفين بهدف التأثير واعتماد وجهة نظرة واحدة وتبني هذا الرأي عبر اعتماد الشخص على مجموعة من مهاراته في الإقناع.

مهارات التفاوض والإقناع 

يجب عليك امتلاك مجموعة من المهارات في كلٍ من التفاوض والإقناع حتى تستطيع التأثير على الآخرين والقدرة على كسب الامتيازات وإيجاد نقاط مشتركة بينك وبين الطرف الثاني، ومن أبرز هذه المهارات ما يلي:

مهارات المفاوض الناجح

تعزيز مهارات التفاوض لديك كي تصل لما تريد وتتمكن من طرح المشكلة أو القضية بأسلوبك المميز ومناقشة الطرف الثاني حول النقاط الهامة لتسوية مرضية لكما.

الاستماع الجيد

من مهارات التفاوض الناجح الاستماع للطرف الثاني بشكل جيد، للتعرف على أفكاره وآرائه في الموضوع أو المشكلة، ومنافشته بها حتى تتمكن من الوصول إلى النقاط المشتركة بينكما وتعزيز العلاقة والاحترام.

مهارات الاتصال والتواصل

فهذه من المهارات الأساسية التي يجب التركيز عليها عبر تطوير لغتك وتعزيز لغة الجسد خلال التواصل والحفاظ على نبرة الصوت بحيث تكون واضحة مع مراعاة عدم تكرار الكلمات والعبارات بكثرة.

طرح الأسئلة

طرح الأسئلة من شأنها معرفة احتياجات الطرف الثاني ومدى قبوله لفكرتك ونقاط القوة والضعف عنده، والجوانب التي يمكن من خلالها التأثير عليه، مثلاً طرح سؤال عليه حول احتياجاته ومدى ثقته بالحلول التي تم طرحها.

تعزيز مهارة المقايضة

على المفاوض أن يعرف كيف تتم المقايضة بطريقة ذكية تحقق مصالح جميع الأطراف، بحيث يتم مقايضة الطرف الآخر من أجل تحقيق الهدف المطلوب من التفاوض، مثال على ذلك التفاوض مع المدير على زيادة الراتب بالمقابل إنجاز العمل بصورة أسرع وزيادة ساعات الدوام.

التعاون والأخلاق

إظهار الأخلاق الحسنة ومساعدة الأشخاص والتعاون معهم في العمل هذه الأمور من شأنها أن تجعل منك شخص مؤثر عليهم وتستطيع بذلك التفاوض معهم بروح إيجابية للوصول للمصالح المشتركة فيما بينكما.

مهارة حل المشكلات

إدراك المشاكل وتحليلها والمساهمة في حلها كل ذلك من مهارات حل المشكلات التي يجب إتقانها جيدًا قبل الخوض في عملية التفاوض مع الطرف الثاني، حتى تتمكن من زيادة ثقة الأشخاص بك وبقدراتك.

مهارات الإقناع

تستطيع إقناع الآخرين عبر امتلاك مجموعة من المهارات وتطويرها وتعزيزها في ذاتك من خلال التدرب عليها جيدًا، وهي كالتالي:

  • تعزيز الثقة بالنفس حتى تعكس للطرف الآخر قناعتك بفكرتك وتؤثر عليه بشكل إيجابي.
  • المرونة في التعامل مع الأشخاص لنجاح الحوار مع الآخرين وتبني فكرتك.
  • تعرف على الشخص واعتقاداته وأفكاره ونقاط قوته وضعفه حتى تتمكن من إقناعه بسهولة.
  • لا ريب لو كان حوارك مع الشخص فيه روح من الدعابة والمجاملات.
  • عدم التحدث بصورة سريعة، حول الاعتدال وتكون سرعتك بذات سرعة كلام الشخص المقابل.
  • التنويع في نبرة الصوت بما يتوافق مع الطرف المقابل بحيث لو كان بعيد يمكن رفع صوتك قليلاً والعكس صحيح.
  • الاهتمام بما يتحدث به الشخص ومعرفة آراءه وطبيعية تفكيره.

اقرأ أيضاً: ماهو التفويض الفعال وفوائده

مراحل عملية التفاوض والإقناع

على المفاوض وضع عدد من المراحل والتخطيط لها جيدًا لتحقيق نتائج ملموسة من عملية التفاوض والإقناع، وهذه المراحل تأتي بالتدريج، يمكن إيضاحها في الأشكال التالية:

أولاً: التخطيط والتجهيز

في البداية يجب معرفة الهدف المراد تحقيقه من عملية التفاوض ووضع احتمالات لطبيعة رد الطرف الآخر وكيف يمكن إجابته، وأيضًا من المهم التركيز على النقاط التالية:

  • بناء علاقة إيجابية مع الشخص قبل التفاوض.
  • معرفة نقاط القوة ودراستها والتركيز على نقطة الضعف الشخص المقابل.
  • دراسة مهارات التفاوض الناجح.
  • تحديد الأسئلة.

ثانيًا: معرفة أساسيات التفاوض 

قبل الدخول في عملية التفاوض مع الطرف المقابل يجب دراسة قواعد التفاوض الناجح، ومنها الابتعاد عن الجدال والنزاعات والمشكلات، وكذلك التحدث بأسلوب مرن بعدين عن المبالغة في المجاملات، وعرض مبادرات تحقق الفائدة للطرفين.

ثالثًا: التبرير والتوضيح

خلال المرحلة هذه يتم توضيح الفوائد والمصالح المشتركة والهدف من التفاوض في هذا الموضوع عبر ذكر الأمثلة والحجج والبراهين حتى تقنع الطرف الآخر بالموافقة.

رابعًا: حل المشكلات والمساومة

ربما لا يقبل الطرف الثاني برأيك بسبب مشكلة ما، فيجب بهذه الحالة إيجاد نقاط مشتركة مرضية لكما والمساومة وحل القضية دون نزاع، وحاول تجنب العوائق عند الحديث عن أفكارك.

خامسًا: التنفيذ والإغلاق

هذه المرحلة الأخيرة في عملية التفاوض والإقناع فيها يتم التوصل لاتفاق مرضي للجميع وحل نهائي، بعد ذلك يتم تنفيذ الوعود والتطبيق العملي على الأرض.

اقرأ أيضاً: فن وأسرار اتخاذ القرار الصحيح

استراتيجيات التفاوض والإقناع بنجاح 

يمكن اتباع عدد من الاستراتيجيات للتفاوض لتحقيق الأهداف والنتائج التي تضمن المصلحة للجميع، وهناك مجموعة من الأمثلة ومنها ما يلي:

الصبر

من خلال الصبر تصل لما تريد عبر كسب الوقت للتفكير والدراسة الجيدة، وأقرب أمثلة لذلك عدم الرد بسرعة على الرسائل أو الأسئلة التي يطرحها الطرف الآخر أو حتى المقترحات وذلك عبر الإجابة بسؤال آخر، أو التحدث بموضوع ثانٍ، وأيضًا أفسح المجال للطرف الثاني للتفكير بمقترحاتك.

عنصر المفاجأة

الهدف الأساسي من هذه الطريقة إرباك الطرف الآخر ودفعه لتقديم تنازلات عبر تغيير أسلوب الحديث وطريقة الطرح، وذلك من خلال التنويع في نبرة الصوت أو التحدث في اتجاه آخر، هذه الاستراتيجية تمكِّن المفاوض من تحقيق المكاسب والامتيازات، مع الحذر من حدوث نزاع.

الواقع 

تقول الاستراتيجية أن القرار يعود للطرف الثاني، من خلال وضعه أمام الأمر الواقع عندما يوجد خوف من عدم تحقيق الهدف أو النتيجة، مع التأكيد على نقطة الموازنة حتى لا تخسر أنت الصفقة.

 الانسحاب بهدوء 

حيث ينسحب المفاوض من عملية المفاوضات بعد تحقيق إنجاز واحد على الأقل، بعد ذلك يسعى للإنقاذ، وتقديم موافقته للطرف الثاني، والاعتذار عما حصل في الماضي.

الانسحاب بشكل ظاهري

يعلن المفاوض الانسحاب عند اللحظات الصارمة، حتى يجبر الطرف الثاني على تقديم التنازلات للمفاوض، فهي تعد محاولة لخداع الشخص المقابل والتسويف.

الكر والفر

تعتمد هذه الاستراتيجية على التقدم أو التراجع في التفاوض، وقد يجري المفاوض تغيير في رأيه بحسب الظروف المحيطة خلال المفاوضات، في هذه الحالة يكون على استعداد للنقصان أو الزيادة في المطالب والعروض.

القيود

تقوم الاستراتيجية على وضع قيود على الطرف الآخر خلال عملية المفاوضات؛ مثل تحديد الأشخاص الذين سيشاركون بالتفاوض، أو وقت التحدث ومن هو المتحدث أو مكان التفاوض، وقد تكون الاستراتيجية قائمة على الخداع للحصول على المصالح والتنازلات.

الخداع

تهدف هذه الاستراتيجية خداع الطرف الثاني من خلال جعله يفكر في أمر محدد بعيدًا عن الواقع أو إقناع الطرف المقابل أنك تمتلك معلومات أكثر منه، وقد يعمل المفاوض على تسريب بيانات ومعلومات غير صحيحة أو الإعلان أن المفاوضات لم تتقدم ولم تحقق شيء حتى هذه اللحظة.

المساعدة والعمل ضمن فريق

تُبنى هذه الاستراتيجية على أساس تحقيق التعاون، وبناء علاقة صداقة مع جميع الأطراف، والحصول على الدعم منهم خلال التفاوض، ويمكن تطبيق هذه الطريقة عندما يكون جميع الأطراف في مكان مشترك مثل دول منظمة الأوبك حيث تجمعهم سياسة مشتركة.

المساهمة

تقوم هذه الاستراتيجية على مبدأ ساعدني وأساعدك، وأقرب مثال على ذلك هو الشخص الذي يتنازل للطرف الآخر من أجل الحصول على عمل جديد أو فتح مشروع، ويجب على الطرفين أن يكونا قادرين على التعاون والعطاء.

التغطية

يسعى المفاوض عدم إظهار نقاط الضعف عنده حتى لا يستخدمها الطرف الثاني للضغط، ومحاولة الحصول على مكاسب بوقت قصير وجهد قليل، ويتم اللجوء إلى هدف واحد في التفاوض والإقناع لعدم الكشف عن الأهداف الأخرى الكبيرة.

مفترق طرق

يتم الاعتماد على استراتيجية مفترق طرق عند كسب تنازلات كبيرة في المقابل تقدم تنازلات صغيرة، ولكن هناك مخاوف من طمع الطرف الثاني من خلال زيادة مطالبه، لذا يجب اختيار الوقت الملائم للتفاوض.

العشوائية

يمكن من خلال هذه الطريقة الاعتماد على الفرص التي تأتي بشكل مفاجئ والإيمان بالصدفة، حتى يتمكن المفاوض كسب الطرف الآخر، مع العلم أن هذه الاستراتيجية لا تنجح دائمًا.

 التدرج

يعمل المفاوض على تقسيم المشكلة أو الموضوع إلى أقسام، بحيث يتم طرح كل جزء ومناقشته مع الطرف الآخر، والوصول لاتفاق، ثم يتم الحديث عن الجزء الثاني من الموضوع، ويتم الاعتماد على هذه الاستراتيجية في المواضيع الكبيرة والمعقدة.

التوكيل

حيث يتم التفاوض والإقناع في هذه الاستراتيجية بالاعتماد على بعض الأعضاء، بحيث يكونوا وسطاء عن المفاوض، فهي وسيلة لحل المشكلات والمساعدة على إنهاء الصراعات.

العينة العشوائية

تتم عبر اختيار مجموعة عشوائية وعمل دراسة عليهم واعتبارها أنها تمثل الجميع، عبر هذه الدراسة يتم معرفة طبيعة المفاوضين ومعلومات عنهم وطرق معاملتهم وهل لديهم الفرص للتنازل والعقود السابقة لهم.

تغيير المستوى

حيث يتم التفاوض بالبداية مع أشخاص أقل من المدير، ولكن في حال تعثرت المفاوضات يتم التدخل من قبل المستويات الأعلى من أجل الوصول إلى اتفاق في أقل وقت، هذه الاستراتيجية تحقق دائمًا الأهداف عبر التأثير على الآخرين.

مهارات التأثير خلال التفاوض والإقناع

تستطيع من خلال التأثير كسب الأطراف الأخرى في التفاوض، لذا لا تدخل في أي عملية تفاوض قبل معرفة مهارات التأثير، ومن أهمها ما يلي:

  • الاقتناع بما تتحدث به والثقة بالنفس.
  • تلبية متطلبات الأطراف ومساعدتهم في احتياجاتهم.
  • الوفاء بالوعد والالتزام بالوقت.
  • التحدث بالجوانب العاطفية للأشخاص حتى تتمكن من إقناعهم.
  • تسويق ذاتك وأفكارك ومحاولة الوصول لعدد أكبر من الناس.
  • المرونة خلال الحديث مع الأشخاص.
  • امتلاك مهارات الخطابة حتى يستمع الناس لك دون ملل.
  • التمكن من دراسة جميع الاعتقادات والآراء وكسب محبة الناس.
  • الاهتمام بالآراء المختلفة من حولك.

طرق تطوير مهاراتك في التفاوض والإقناع

هناك بعض الطرق التي يمكنك اتباعها للتدرب على مهارات المفاوض الناجح وإتقانها للخوض بالتفاوض والقدرة على الإقناع، لذلك نحن سنشرح هذه الطرق بالتفصيل من خلال النقاط التالية:

تحديد الهدف النهائي

كيف يمكن الاستعداد لخوض التفاوض والنتائج التي ستحققها من عملية المفاوضات، فمن الضروري الدخول في حوار، وأنت تعرف ما تريد وما هي التنازلات التي سوف تقدمها وما هي قيمتها وكيف يمكن تعويضها بعد ذلك وما هي الفوائد التي ستحصل عليها.

تعزيز مهاراتك في بناء الروابط والشراكة

بناء الروابط مع الأطراف الأخرى يسهل عملية إقناعهم بفكرتك واقتراحاتك، فالعلاقات الإيجابية مهمة قبل الدخول في أي عملية حوار وتفاوض لتقليل الضغوط والسرعة في إنهاء الموضوع وتوقيع الاتفاق.

الاستعداد للتسوية مقابل التنازل

لابد من التسوية حتى تصل للحل والاتفاق على نقاط مشتركة، فمن المهم معرفة الطريق الصحيح لتسوية الخلافات والأمور التي يمكنك التضحية بها مقابل نجاح التفاوض.

حدد خطة زمنية للتفاوض

تعلم كيف تضع الخطط الزمنية ووقت التفاوض، حتى تعمل جميع الأطراف على الاتفاق في الوقت المحدد دون تأخير، وتسعى للبحث بشكل تفصيلي عن احتياجاتها لعرضها على طاولة التفاوض، فمن الضروري معرفة الأوقات المناسبة للحوار.

معرفة نقاط قوتك وضعفك

المفاوض الناجح يعرف نقاط قوته التي يستطيع الاعتماد عليها في الحوار والإقناع، ومعرفة نقاط الضعف للسيطرة عليها وعدم إظهارها للخصم ومعالجتها في أسرع وقت والتأثير على مختلف الأطراف.

التدرب على المفاوضات 

حول تجربة التفاوض مع زميلك في العمل أو صديقك وإقناعه بفكرة ما، قم بطرح بعض الأسئلة عليه وجرب معه كل استراتيجيات التفاوض والإقناع، واستخدم معه أكثر من أسلوب عند الحوار، وحاول إقناعه بالبراهين والأدلة، وتفاوض مع شخص آخر وتعرف على النقاط المشتركة بينكما في بعض المواضيع.

عقبات تواجه عملية التفاوض

عادةً تواجه المفاوض بعض العقبات التي تشكل حاجزًا بينه وبين إقناع الطرف المقابل مما يؤدي إلى عدم نجاح التفاوض، وهذه العقبات تتمثل في التالي: 

  • الإجبار والتسلط على الأطراف، هذا الأمر لا يساعد على إتمام الاتفاق بصورة كاملة.
  • التمسك بالرأي والجهل، فلا يمكن حل المشكلات مع الشخص لديه صعوبة في الفهم ومعتد بأفكاره.
  • تشتت العقل نتيجة عدم تقسيم الموضوع الكبير لأجزاء صغيرة.
  • عدم وضوح الرسالة من المفاوض فيصعب الإقناع.
  • الانطباع والتصور بعدم القدرة على التغيير.
  • المشاكل والخلافات خلال عملية التفاوض ورفع مستوى الصوت عند الحديث.

اقرأ أيضاً: ماهي مهارات الإدارة في العمل

لا تتم حل المشكلات وتحقيق المصالحة المشتركة دون الدخول في التفاوض والإقناع فهي مهارة الحياة التي تمارسها يوميًا، فاحرص على تعزيزها عبر التعلم والتدريب المستمر والتجربة والتخطيط الجيد وامتلاك المعلومات وتعزيز الاتصال والتواصل.

قد يعجبك ايضا