ماهي مهارة الإنصات والاستماع

يقال أن الانسان خلق بأذنين وفم واحد ليسمع أكثر ما يتكلم، وفي الحديث الشريف يقول( ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم)، مهارة الإنصات والاستماع غالبًا يفتقر إليها الناس إلا لم يكن كلهم إلا قليلًا، نحتاج لتفعيل أزرار آدمية تسمح بتقييد الفم لعلنا نأخذ هدنة من مشكلاتنا التي تجلبها لنا تلك الألسن مغرفة القلب والمشاعر، نحتاج لوقفة مع الذات لتفعيل العقل قبل التحدث.

مهارة الإنصات والاستماع

كم مرة لمت نفسك بعد انتهاء موقف ما لأنك تكلمت وتسرعت وكلفك ذلك عناء الاعتذار وكم مرة لم يفلح اعتذارك وضيع منك عزيز بغير رجعة، كم مرة نهشك الندم لتعبيرك لأحدهم عن مشاعرك وكان لزامًا عليك إخفائها فليس كل ما يعمل في القلب يتم إفشائه يا صديقي إن كنت من هؤلاء النادمين فأنت حتمًا ستحتاج لفهم وتعلم مهارة الإنصات والاستماع.

تعريف الإنصات

تعريف الإنصات يتمركز حول الاستماع بكافة الجوارح لمحدثك، العيون والعقل حركة جسمك أو لغة الجسد كأن تتحول كليًا له، الإيماءات أو تعبيرات الوجه، يندرج تحت المفهوم أيضًا التركيز على كل الحديث الدائر أو الموجه إليك، وليس فقط ما تريد أنت اقتطاعه من الجلسة، فيما يقتصر الاستماع على حاسة السمع فقط، وبالتالي يكون الإنصات أكثر فاعلية في التواصل الجيد والمثمر أكثر من الاستماع.

بمقدورك تحقيق الإنصات الإيجابي إذا دعمت الحديث الموجه لك بعدد من الإجراءات التي تكسب بها ود المتحدث، بالطبع ليس منها الإنصات وأنت تتحدث، أو أن تستمع وأنت مشغول البال، وتكون الصورة الفعالة لهذا الأمر بربط وتحليل ما يطمح المرسل في شرحه أو نقله للمتلقي.

لماذا يجب الانصات في مهارات الاتصال

يعتبر الانصات من أهم المهارات الأساسية التي يجب أن يتقنها أي شخص يريد التواصل بنجاح مع الآخرين. فالاستماع الجيد يساعد على فهم ما يقوله الطرف الآخر ويساعد على بناء الثقة وتعزيز العلاقات الإنسانية بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، يعد الانصات الفعال جزءًا من الاتصال الفعال ويساعد في تحسين الاتصال وتوفير المعلومات المهمة التي يحتاجها الشخص لاتخاذ القرارات الصحيحة. كما يمكن أن يساعد الانصات الجيد في حل المشكلات بشكل أكثر فاعلية ويمكن أن يعزز الابتكار وتطوير الأفكار.

بالتالي، يعد الانصات الفعال مهارة أساسية في العديد من المجالات مثل العمل، والعلاقات الاجتماعية، والأسرة، والأصدقاء. وعندما يتم تطوير هذه المهارة بشكل صحيح، يمكن للشخص أن يحسن من تواصله مع الآخرين ويزيد من فرص نجاحه في الحياة الشخصية والمهنية.

مراحل عملية الإنصات

كي تكون منصت جيد تمتلك مهارة الاستماع والإنصات يجب أن تعرف أنها تمر بثلاث مراحل:

  1. الاستماع بالأذن للكلام.
  2. التعرف على معنى الحديث والمفردات ويعتبر عامل اللغة أو اختلاف الثقافات أحد أهم المعوقات التي تجعل منظومة الإنصات تقف عند المرحلة الأولى.
  3. المرحلة الثالثة، وهي عملية ربط وتحليل الكلمات والجمل ومعرفة ما يرجوه المرسل من رسائل.

الاستماع الفعال

مهارة الاستماع الفعال واحدة من مهارات التفكير النقدي حيث تحيل جسدك وعقلك لمحاورك وليس مجرد الاستماع لما يقوله فقط، فأنت تضع عقلك لما يقول وتعيه جيدًا، تفيدك هذه المهارة في تطوير عملية التواصل مع الناس وتطور من شخصيتك بصورة كبيرة، كما تنعكس على قدرتك الكبيرة في حل المشكلات، وتتعدى المهارة التي تحصل عليها من كونك ستفهم ما يقوله لك، لتجتاز هذا الأمر وتتعرف على الرسالة الموجهة من محاورك بصورة كاملة والتي يحاول إيصالها إليك.

اقرأ أيضاً: أنواع الإنصات

ماذا تستفيد من تعلم تلك المهارة؟

فوائد جمة ستعود عليك عند إتقانك لتلك المهارة، والتي تجعل منك إنسان مختلف يحكم على الأمور بشكل مختلف:

  • فهم الموضوع بكل جوانبه والإلمام بمعطيات الأمر.
  • الود والعلاقة القوية العائدة من وراء انصاتك الجيد لهذا الشخص، حيث ستحصل في الحال على احترامه.
  • إزالة أي غموض في المشكلة والقدرة على فهم الصورة كاملة.
  • ستجني ثمار مهارة الإنصات والاستماع نتيجة لهذا بالحصول على معلومات مفصلة حول هذا الموضوع، حيث أن المتحدث يتشجع على الاستدراج في الحديث لما يجده منك من انصات وإصغاء جيد.
  • إزالة أي مشاحنات ومنع نشوب الخلافات حيث يترعرع الود من خلال الإنصات الجيد.
  • التخفيف من حدة وغضب المتكلم ما يجعلك أكثر قدرة عى حل المشكلة خاصة لو كانت مرتبطة بعملك أو العلاقات الأسرية.

علامات افتقار تلك المهارة

ربما قد تعتقد أنك مستمع جيد وتصغي لحديث الناس، وأنت بعيد كل البعد عن هذه المهارة، لا تعتقد أنك بمجرد السكوت أثناء حديث أحدهم يعني امتلاكك لمهارة الإنصات والاستماع ، سنخبرك في التالي بالعلامات التي تدل على انك تفتقر لهذه المهارة:

  • كثرة مقاطعة من تحادثه حتى لو كانت كلمات مفادها أفهمك نعم، سمعت هذا من قبل، وما إلى ذلك.
  • تلقف أطراف الحديث من الشخص المتحدث، كأن تدخل على خط الحوار وتقطع الطريق على المتحدث دون إتاحة المجال له لاستكمال الحديث أو البوح بما يريد قوله.

ما هي معوقات الاستماع الجيد؟

قديمًا قالوا أن وضع يدك على المشكلة يمثل نصف الحل، وانطلاقًا من هذا الأمر، يفيد تعرفنا على المعوقات التي تقف سد منيع دون تعلمك أو تفعيلك لمهارة الإنصات والاستماع الجيد، وبتلافيها تستطيع أن تكون منصت جيد وقادر على الاتصال البشري بشكل فعال:

  1. التسرع في الحكم على الآخرين.
  2. وضع تفسير وتصور متسرع وحكم غير عادل على الأشخاص والمواقف.
  3. العوامل المشتتة التي تقلل من القدرة على الإنصات الجيد.
  4. الخبرات المسبقة والأهواء الشخصية.
  5. التحقير والتقليل من شأن المتحدث.
  6. التأهب للرد قبل أن يبدأ المتحدث في عرض وجهة نظره وآرائه.
  7. رغبة الغالبية العظمى في أن يكون هو المتحدث لا المستمع.
  8. استخدام المتحدث للحجج الواهية أو ركاكة الأسلوب، من أهم الأشياء التي تفتح الملل والفتور داخل عملية الإنصات والاستماع.

اقرأ أيضاً: ماهي مهارات التواصل

عوامل تساعد في تنمية مهارة الإنصات

هناك عوامل تساعدك في تنمية مهارات الإنصات لديك، وتحولك من مجرد مستمع إلى منصت فعال، وفيما يلي نوضح هذا الأمر:

  1. التركيز في حديث المتحدث.
  2. تنمية مهارات الاستيعاب.
  3. تنمية مهارات التذكر والاستدعاء.
  4. الاهتمام بالحديث الدائر يساهم في خلق دافع داخلي لزيادة مهارة الإنصات.
  5. التحول الكامل نحو المتحدث.
  6. اطلب من المتحدث تكرار الحديث إذا شرد ذهنك.
  7. استخدام الورقة والقلم لكتابة عناصر وملاحظات.
  8. عدم المقاطعة على الإطلاق.

كيف أكون منصت فعال؟

خطوات بسيطة يمكنك من خلالها أن تصبح منصت جيد وحاصل على الامتياز في امتلاك مهارة الإنصات والاستماع، والتي من خلالها تستطيع الحصول على مكاسب فن الإنصات:

1. إظهار التعاطف

واحدة من أكثر الخطوات التي تجعلك منصت جيد وترسل رسائل ضمنية للمتحدث بالألفة والاستدراج في الحديث، هي إظهار تعاطفك معه ومع مشاعره ومشاطرته مشكلاته، يمكن ذلك من خلال تبادل الأدوار وتخيل نفسك موضع المتحدث ولتشعر بما يعانيه أو ما يعتمل في صدره، ولا تظهر ردة فعل مناوئه لمشاعر أو شعور قد لا تأيده، ولكن انتظر حتى يوضح لك ويسوق أدلته، تقبل الآراء ووجهات النظر الأخرى ولا تكون منغلقًا بأي حال.

2. تحلى بالصبر

إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، ففيه المكاسب الكبرى من كل الجهات، كما يساعدك أن تكون ممتلك لـ مهارة الإنصات والاستماع انتظر المتحدث كي يسرد كل حديثه ولا تستعجله باللسان أو بحركات لاإرادية التي تنبأ متحدثك عن فروغ صبرك ومللك من الحديث، النظر في الساعة، أو صوب الباب أو تحرك الأيدي والأرجل باستمرار يعطي رسائل ضمنية للمتحدث بفروغ صبرك، اصبر على الحديث ولا تكمل للمتحدث كلام أو جمل.

3. التحلي بالإنصاف

لا تتخذ موقف مسبق من المتحدث لمجرد اختلافه كليًا أو جزئيًا مع جنسك أو لونك أو دينك، أو حتى اختلاف العادات والثقافات، لا تجعل طريقة ولكنه المتحدث عائق في امتلاك تلك المهارة، ولا عادات الشخص في التحدث واستخدام لغة الجسد وتعابير وإيماءات الوجه، فقط ذكر نفسك أن الاختلاف هي شيمة وصفة البشر، كن منصف واجعل حكمك على الحجج وليس شكل وعادات وخلفية محدثك.

4. التقاط مغزى نبرة الصوت

يقصد من هذه الخطوة فهم ما يرمي إليه المتحدث مستخدمًا نبرة الصوت سواء كانت قوية أو ضعيفة أو يقوم بالتركيز على جمل دون غيرها، من خلال هذه المهارة تستطيع بكل احترافية أن تكون ملم بجوانب الموضوع وخفايا الحديث التي يحاول المتحدث كتمها.

5. الاهتمام بلغة الجسد

إنصاتك للمتحدث لا يقتصر فقط على القيام باستخدام أذنك في فهم مغزى الحديث، ولكن علامات ولغة الجسد والإيماءات التي يستخدمها المتحدث لا تقل أهمية عن لسانه، فربما تكون مكملة لحديثه أو مدعمة له، وأحيانًا يستخدم بالاستعاضة عن بعض الكلمات، وقد تكون لغة العيون هي الأقدر على الإطلاق في عرض وجهة النظر وفهم الحديث، لذلك لابد من التأكيد على مثل هذه الأمور.

6. اربط الأفكار

استخدم أساليب الربط والتحليل في الحصول على صورة مجمعة للأفكار، هذه الفكرة ستسمح لك بتدعيم مهارات الاستماع والإنصات لديك وربما تعمل على فهم الصورة الكاملة والتي يحاول المتحدث توصيلها إليك وحتى الأفكار التي يعجز عن توصيلها سواء عامدًا أو أن يكون لديه قصور في التواصل.

7. كن بمنأى عن المشتتات

ابتعد عن كل شيء قد يجذب انتباهك ويصرف نظرك وتركيزك عن الإنصات لمحدثك، اترك الأوراق، ضع الهاتف جانبًا أو حتى فعل الوضع الصامت لمزيد من تفعيل هذه المهارة، اجعل مجال حديثك بتركيز وبعيد عن التلفاز أو المذياع، وانتبه من الجلوس بجانب مصادر صوت عالية مثل أصوات الشارع أو أجهزة تشغيل الموسيقى.

مهارة الإنصات والاستماع من منظور ديني

أما وقد علمنا الشرع الحنيف والقرآن أخلاق وآداب جمة، دعونا نتطرق لكيفية تناول الدين مهارة أو فضيلة الإنصات، نسوق لك عدد من المواضع ونتبعها بمزيد من التفصيل والشرح:

الإنصات لكتاب الله

  • أولى مواضع القرآن التي تدل على فضل وأهمية الإنصات الآية الكريمة، حيث بينت الآية ضرورة الإنصات الجيد للقرآن للتعرف على المعاني ودعوة للتدبر والتأمل والتعلم.

“وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ” الأعراف:204

  • والخير كل الخير الذي يعد به الله عباده لمن يستمع استماعًا لكل ما هو خير ويعملون بما سمعوا وفهموه جيدًا قال تعالى:

“فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ” (الزمر: 17، 18).

كيف أنمي مهارات الاستماع عند الأطفال؟

هناك عدد من الخطوات العملية التي نقترحها على المدرسين أو أولياء الأمور لتثبيت مهارة الإنصات حتى يتعود عليها الصغير وتكون دأبه في الحياة، وحتى يبني علاقة كبيرة وقوية بينه وبين المجتمع،وهي على النحو التالي:

  1. تعويد الطفل على وضع عناوين ملخصة للموضوع.
  2. النزول على فهم وإدراك كل شخصية ومراعاة الفروق الفردية.
  3. التواصل أيضًا مع الطالب المتميز وإعطائه مهام تعلي من قدراته وتخاطب فكره.
  4. أعطِ لكل طالب مهمة مفادها الاستماع لمحاضرات معينة ومناقشة هذا الأمر في موعد محدد.

اقرأ أيضاً: مهارات الذكاء العاطفي وأهميته وطرق تنميته

ختامًا، قدرتك على التواصل البشري وخلق مجال قوي من العلاقات الجيدة في الحياة يعينك على بناء غطاء قوي يقيك صدمات الدنيا، فالإنسان لا يقوى على العيش وحيدًا، الأصحاب الأخوة ذوي الأرحام، شريك حياتك العمل مع فريق ودود كلها أسماء متفرقة ولكن دورها جعل الحياة أفضل، ولن يتسنى تحسين التواصل معهم بدون امتلاك مهارة الإنصات والاستماع، طبق كل ما قيل في هذا المقال لربما يساهم في تطوير تلك المهارة الهامة لديك.

قد يعجبك ايضا