مبادئ البرمجة اللغوية العصبية

في وقتٍ ما قد شوهد اختلاف وجهات النظر حول أحقية العلاج النفسي وإثبات كفاءته للمريض، الأمر الذي بدوره قد صدع عن وجود ما يُعرف بالبرمجة اللغوية العصبية (NLP)، واعتمدت تلك البرمجة على تنفيذ الأهداف المرجوة باتباع برمجة العقل، وذلك من خلال الاعتماد على مبادئ البرمجة اللغوية العصبية وأركانها والنظر لأهميتها وثمارها المُجناة التي حتمًا ستشعر بها، والآن قد يبدو لك الأمر غاية في التعقيد ومن المحتمل ارتسام علامات التعجب على وجهك حول هذه البرمجة وما يعنيه هذا المصطلح، ولكن بعد إدراكك للسطور التالية سينسدل ذلك الستار مُعلنًا عن معلوماتك الكافية حول تلك البرمجة مزيلًا لكافة علامات الاستفهام العالقة في ذهنك.

نبذة تعريفية عن البرمجة اللغوية العصبية 

إدراكًا لكافة الأمور المُبهمة بداخلك الآن حول البرمجة اللغوية العصبية، فما هي إلا علم وطريقة مُتبعة من قِبل التنمية البشرية مؤخرًا، الهدف من استخدامها هو التطوير من العلاج النفسي لتهيئة تفكير الإنسان وإعادة هيكلته بشكل مبرمج نحو الأفضل، الأمر الذي يأتي بدوره بمعالجة كافة ما يعاني منه الشخص من اضطرابات وأمراض نفسية.

تعتمد على بعض التقنيات والأساليب المختلفة التي تعزز من سلوكيات الفرد من خلال التركيز على بعض نماذج التفكير المُبرمجة بشكل أمثل، ولإدراك كافة ما نحاول التظليل عليه منذ البداية عليك بالاطلاع على مبادئ البرمجة اللغوية العصبية، ولكن قبل الشروع في ذلك فإنّ للبرمجة اللغوية العصبية معنى آخر مفصل يتمثل فيما يلي:

البرمجة 

هو ذلك التغيير الذي ينشأ في نفس الفرد ويتخذ منه مسلكًا ومنهاجًا للاعتماد عليه والسير وفقًا له، وبهذا لا يكون الشخص مُجبرًا على البدء ثانيةً.

اللغوية 

تعني كلمة اللغوية (علم اللسانيات)، أي ما يتبعه الإنسان حتى يستطيع التعامل مع الآخرين وكذلك مع النفس في الوقت ذاته، إذ تكون لتلك الكلمات الأثر الفعال في رسم الواقع الداخلي له.

العصبية

تعتمد كافة مشاعر الإنسان أو سلوكياته وكذلك تفكيره اعتمادًا كليًا على النظام العصبي، إذ تتمثل العصبية في امتصاص الإنسان للمعلومات اللازمة له من البيئة المحيطة، ومن ثَم يأتي بعد ذلك دور الأعضاء الحسيّة المسؤولة عن معالجة تلك المعلومات.

مبادئ البرمجة اللغوية العصبية 

ها نحن الآن أمام السؤال الذي لا طالما سعينا للإجابة عليه مُطولًا، وهو “ما هي مبادئ البرمجة اللغوية العصبية؟”، في البداية علينا التأكد من طريقة استخدام تقنيات وأساليب هذه البرمجة لكي تأتي بالنتيجة المرجوة منها، وتتمثل هذه المبادئ فيما يلي:

لا تتشابه الخرائط الداخلية للأشخاص 

قد تبدو هذه الجملة من الخارج مُبهمة وغير مُوضح ما تشير إليه، ولكن يعني عدم تساوي الخرائط الداخلية للأشخاص أنّ لكلٍ منّا خريطة داخلية تصطحبه في الرحلة الخاصة به وتوجهه إلى حيثما يريد، فكلنا يسعى لأهداف معينة تختلف عن الآخر، وكلما نَمت تلك الخريطة واكتملت رؤيتها، كلما اكتمل النجاح المُحقق جرّاء الاعتماد عليها.

اقرأ أيضاً: كيفية تطبيق البرمجة اللغوية العصبية

 الخريطة الأفضل هي التي تضم أكثر من طريق 

كلما كانت الخريطة فعالة وشاملة لعدد أكبر من الموارد والفرص، كلما استطعت الوصول بشكل أسرع لهدفك وحتمًا ستجد الحلول المناسبة للمشكلات التي ستواجهك لا محالة، وذلك اعتمادًا على المرونة في التعامل والتفكير بشكل إيجابي، الأمر الذي يجعل للخريطة هيكل مماثلها.

وراء كل سلوك نية إيجابية 

تم تسليط الضوء على أن لكل سلوك نية إيجابية ضمن مبادئ البرمجة اللغوية العصبية، فمهما بدا موقفٌ ما من الخارج سلبيًا لك فحتمًا له جانب ونية إيجابية أخرى خفية تجهلها، وهذا ما تحاول هذه البرمجة الإشارة إليه من خلال إعادة النظر للنية الإيجابية للسلوك.

كل تجربة لها هيكل مختص بها 

بالنظر إلى كَون كل تجربة تتشكل بهيكل أو بنية معينة تختص بها، فإن أي تغييرات ناشئة في تكوينها قد يعود بالتغيير الواضح في تأثير تلك التجربة، فما هي إلا حزمة من العناصر المُسلسلة يتأثر كلٍ منها بالآخر.

هناك حلول لكافة المشكلات 

قد تبدو هذه الجملة من الخارج غير واقعية تميل إلى المثالية بشكل كبير، ففي بعض الأحيان قد لا نستطيع حل مشكلات معينة ولو كنا على دراية بالحل، وذلك لعدم صلاحيته في هذا الموقف، لذا فحاول جاهدًا اختيار البدائل المتنوعة لكي تستطيع العثور على حلٍ مناسب من بينها، الأمر الذي يشير بدوره إلى العلاقة المتوترة بين عدد الحلول وخريطة الشخص، فكلما كانت الخريطة أغنى بالموارد كلما تعرضت للصعوبات بدرجة أقل.

يمتلك كل فرد القوة لتحقيق المطلوب 

يشير هذا المبدأ إلى تطوير الذات عنه في المبادئ الأخرى، فلا طالما أراد الفرد تحقيق أمرٍ ما فإنه يستطيع ولا يعجزه شئ، كما أنه يستطيع بامتلاكه القوة اللازمة تخطي كافة ما يعتريه من عثرات.

العقل والجسم جزء لا يتجزأ من نفس النظام 

يختص هذا المبدأ المنسدل ضمن مبادئ البرمجة اللغوية العصبية بأن الكائن البشري في النهاية عبارة عن الجسم والعقل، فلا يتأثر كلاهما دون الآخر،كما أنه وفقًا لما تدعمه هذه البرمجة فإن أي تغييرات ناشئة في التفكير تعود بالتأثير على الجسم تبعًا.

اختلاف النتائج تبعًا لطريقة الاتصال 

في البداية عليك بوضع خطة لاتباع إرشادات الاتصال الصحيحة، تجنبًا للتعرض إلى التفسير الخاطئ أو التحيز من قِبل الآخرين، فالوضوح من البداية يُجنبك التباين في النتائج.

الإخفاقات ما هي إلا فرص 

مهما اختلفت الطرق المُتبعة لتحقيق الأهداف فلا بد من التعثر في الوصول إليها، ولكن لا تعتمد التعثر والإخفاق فشلًا، بل اتخذ منه طريقًا جديدًا وخطوةً أخرى تؤهلك للوصول وتحقيق المُراد، فلا تتخلى عن روح المثابرة بداخلك وحقق ما تريد مهما تطلب منك الأمر.

إذا فشلت في شئ، فجرّب آخر 

قد يبوء إنجاز أيٍ منّا بالفشل في إنجاز العديد من الأمور، ولكن الناجح والمثابر من بيننا من لا يقف عند هذه النقطة محاولًا تغيير النتيجة، فحتى وإن لم تتغير النتيجة فعليك بتغيير الشئ والنجاح بأمرٍ آخر، فما الحياة سوى عثرات ستواجهك متخطيًا إياها لتصل إلى ما تريد، وهذا ما تعتمد عليه مبادئ البرمجة اللغوية العصبية من الأساس في الحثّ على اتباع سلوكيات مختلفة للتطوير.

أركان البرمجة اللغوية العصبية 

بعد أن قمت بالاطلاع على مبادئ البرمجة اللغوية العصبية فأنت بصّدد أركانها الآن، فلا تختلف أركان البرمجة اللغوية العصبية كثيرًا عن أي فكرة أخرى تعتمد في تنفيذها على الأساس الصحيح، وهنا يعتمد نجاح فكرة البرمجة على أركانها الأساسية، وهي:

الهدف 

كيف لك أن تبدأ دون تحديد هدفك وماذا تريد؟، فالخطوة الأساسية والبنية التحتية التي يعتمد عليها الاستقرار والنجاح تبدأ من سؤال نفسك “ماذا أريد؟”، تجنبًا للحيرة والوقوع في بؤرة الخوف من الوصول وفقدان الرؤية المستقبلية، فماذا تنتظر؟، حدد أهدافك الآن واعقد العزم على المواجهة.

الحواس 

تعد الحواس بمثابة المنفذ الرئيسي الذي يؤهلنا للتعلم، لذا فهنا تتجسد فعالية مبادئ البرمجة اللغوية العصبية وكافة ما تستخدمه لتقوم بدور التحفيز لتلك الحواس وتنميتها، الأمر الذي يجعل منك شخصًا آخرًا أكثر ملاحظةً والأفضل في امتلاك الطاقة والتركيز في التفكير.

المرونة 

من منّا لم يرد تغيير العادات السيئة والتصرفات السلبية والسير نحو الإيجابية بكل ترحيب؟، جميعنا هكذا، ولكن للسير في هذا الاتجاه حقًا وضمان حتمية الوصول لا بد من تعشش المرونة بداخلك، حتى تستطيع هذه الأخيرة أن تهدئ من روعك في تغيير سلبياتك والتحكم في كافة الأوضاع وتغييرها للأفضل.

العمل 

السعي الوحيد والخطوة الظاهرة لتحقيق الأهداف هي العمل، كافة ما يدور بداخلك يمكنك تنفيذه بشكل واقعي اعتمادًا على توظيف الأفكار والعمل عليها.

اقرأ أيضاً: فوائد البرمجة اللغوية العصبية

فوائد البرمجة اللغوية العصبية 

مهما اتسعت الدائرة واختلف ما بداخلها من فوائد للبرمجة اللغوية العصبية، فإن جميعها ترتكز على قاعدة واحدة لا اختلاف عليها تضم كافة الصفات الإيجابية من النجاح وتحقيق الأهداف وإنجازها، وتتمثل الفوائد التي تعود بها تنفيذ مبادئ البرمجة اللغوية العصبية فيما يلي:

  • استنباط كافة السُبل المُتبعة من قِبل الآخرين في نجاحاتهم والسير وفقًا لتلك الاستراتيجيات وتنفيذها.
  • تساعد على تطوير الذات والارتقاء بها للأفضل وتعزيز الثقة بالنفس.
  • تعزيز الأداء على كافة الأصعدة منها المهنية والرياضية والفنية مع تحفيز القدرة الإبداعية والتفكير بمنظور آخر متقدم.
  • شحّذ كافة المشاعر الإيجابية وطرد كل السلبيات من الوساوس والقلق.
  • تقوية العلاقات الاجتماعية مع الآخرين وتنمية سبل التواصل، ولم يقتصر الأمر على الآخرين فقط، بل تعزز من نقاط اتصالك بنفسك أيضًا.
  • تعزيز فعاليات الأداء والطاقة وتخطي مستويات التركيز العالية والوصول لأفضلها.
  • تنمي القدرة بداخلك على الإنتاج وتعزيز روح المبادرة وزيادة الرغبة في العمل.
  • تزيد الرغبة لدى الطلاب في الدراسة والإقبال عليها وتعزز من إرادتك تجاه فن الخطابة والإلقاء بسهولة ويسر دون سيطرة المخاوف.
  • الاعتماد على التخطيط والسير وفقًا لاستراتيجيات موضوعة من قبل.
  • لا تجعل ما كنت تظنه مستحيلًا في السابق بمرأى العين، بل على العكس تمامًا، فلا تراها سوى خطوات عدة يجب البدء بها لإنجازها.
  • الحرص على الاستفادة بشكل دائم للوصول إلى أعلى مستويات الخبرة.
  • السعي لحل المشكلات والبحث في البدائل أيضًا وإدراك المفهوم الصحيح للحياة والرغبة في خوض تجاربها في جوٍ من الاستمتاع.
  • السعي وراء تنظيم الوقت وإدراك قيمته في تنفيذ الأهداف بكفاءة.
  • تعلم مهارات مختلفة واكتساب أفضلها من مهارات التسويق والتفاوض.
  • القدرة على التحكم بالنفس والمشاعر وتنمية القدرة على التأقلم بشكل سريع على أي تغييرٍ كان.

العلاقة بين علم NLP وعلم النفس 

ما كنّا نعنيه في البداية حول اختلاف وجهات النظر في العلاج النفسي؛ ها هو متجسدًا أمامنا الآن في العلاقة التي تجمع بين البرمجة اللغوية العصبية (NLP) وعلم النفس، فقد تضاربت الأساليب المُتبعة في كليهما، فعلى عكس ما كانت كافة محاور علم النفس تلتف حول الأمراض العقلية والاكتئاب فقد اتجه “مارتن سيليجمان” العالم الأمريكي المتخصص في مجال علم النفس باتباع طريقة أخرى على النقيض تمامًا؛ ألا وهي الاعتماد على الطاقة الإيجابية لبثّ التغيير واجتناب المشاعر السلبية، مشيرًا إلى دور التفاؤل البارز في قلب الموازين للأفضل وبعث الإرادة والقوة لدى الأشخاص، وقد قام مارتن بتحديد 24 صفة تكشف عن قوة الشخصية لستة من الفضائل، وتتمثل فيما يلي:

  • الحكمة والمعرفة: وتختص بها (الإبداع، الفضول، الانفتاح، متعة التعلم، المنظور).
  • الشجاعة: وتختص بها (المثابرة، النزاهة، الحيوية).
  • الإنسانية: وتختص بها (الحب، اللطف، الذكاء الاجتماعي).
  • العدل: ويختص به (المسؤولية الاجتماعية، الإنصاف، القيادة).
  • الاعتدال: ويختص به (التسامح، الرحمة، والتواضع والحياء، الحكمة، التنظيم الذاتي).
  • التعالي: ويختص به (تقدير الجمال، الامتياز والامتنان، الأمل، الفكاهة، الروحانية).

تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية 

لا يمكننا إدراك الفائدة من تطبيق مبادئ البرمجة اللغوية العصبية في إحداث التغيير جملةً هكذا دون التفصيل، ولكن تشمل الفائدة من تلك البرمجة وتطبيقاتها بشكل مفصل في العديد من المجالات مثل التربية والتعليم، والتجارة والأعمال، والصحة النفسية، وغيرها من المجالات الأخرى، ومنها ما يلي:

التجارة والأعمال

مؤخرًا فقد اتخذت بعض الشركات العالمية في مجال التجارة من نهج البرمجة اللغوية العصبية مسلكًا للصعود نحو الأفضل والتطوير من الأعمال، فما استخدامها إلا استثمارًا مضمون عائده، إذ تعزز تلك الطرق المُتبعة في التدريب من حذو خطوات نهج التخطيط الاستراتيجي، والإشارة إلى الأهداف والسعي لتنفيذها، وتنمية المهارات الخاصة بطرق التواصل مع الآخرين، وكذلك تنظيم الوقت وإدارته على النهج الصحيح وتساعد أيضًا على تحفيز عزيمة الموظفين، الأمر الذي يجعلهم يفكرون في تقديم أفضل ما لديهم.

التربية والتعليم 

لتنفيذ فعاليات البرمجة اللغوية العصبية في مجال التربية والتعليم إيجابيات عديدة من بينها تجنب العادات السيئة والاتجاه نحو الإيجابية وتحسين السلوك، تحفيز مستوى الطلاب وزيادة رغبتهم في الدراسة وكذلك التحسين من الأداء العام للمدرسين، وتنمية القدرة الإبداعية نحو الابتكار والتطوير، وكذلك تحسين مستوى الأطفال في تهجي الكلمات، وتعزيز سرعة التذكر والتعلم.

الصحة النفسية

ها نحن الآن أمام النقطة الفاصلة التي بصّددها نجنّي ثمار العائد من اتباع مبادئ البرمجة اللغوية العصبية، وذلك من خلال استخدامها في مجال الصحة النفسية لتأتي بإيجابية مطلقة عنها من الاعتماد على علم النفس، إذ تساعد في التخلص من كافة المشاعر السلبية مثل التوهم والخوف، وتعزيز الثقة بالنفس، وتنمية القدرة على مواجهة المشكلات وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي أمامها، كما تنعم بالأثر الأكبر في علاج حالات الاكتئاب والانفصام والوسواس القهري والفوبيا.

ختامًا وبعد أن استطعنا التغلغل داخل قشور مبادئ البرمجة اللغوية العصبية ورؤية إيجابياتها، فيمكننا الجزم بالدور الفعل والأثر الواقع الذي تلعبه في تغيير الفرد وترسيخ الإيجابية بداخله؛ ليتغاضى عن كل ما هو سيء على كافة المستويات سواءً كان في العادات أو الطرق المُتبعة لتحقيق أمرٍ ما، لذا كل ما عليك الآن هو السير على هذا النهج وستلاحظ الفرق بنفسك.

اقرأ أيضاً: تمارين البرمجة اللغوية العصبية

قد يعجبك ايضا