كيفية التخطيط للمستقبل

التخطيط هو تلك الأداة الإدارية المدروسة التي تأخذك في طريق خالٍ من الاعوجاج إلى تحقيق أهدافك، لذلك يسأل الكثيرين عن كيفية التخطيط للمستقبل، فكلنا يعلم أن السائر في الصحراء، لم يكن ليصل إلى وجهته، دون بوصلة تحدد له الوجهة الصحيحة، وخريطة ترشده إلى هدفه السامي، فإذا كنت تريد أن تسير بمركبة حياتك في رحلة هادئة هادفة، وطريق لا اعوجاج فيه ولا ميل، تابع قراءة الموضوع وستجد بغيتك.

أهمية التخطيط للمستقبل

يعتبر التخطيط للمستقبل من أهم عوامل النجاح، والوصول إلى الأهداف السامية، ذلك إن لم يكن أهمها على الإطلاق، فالنجاح هو ذاك الثمرة التي يقطفها الشخص بيده، ويشعر بلذتها في قلبه، إثر تخطيط قويم، نابع عن عقل ناضج مستقيم، وأهمية التخطيط للمستقبل تكمن في:

المحافظة على الوقت

يوفر التخطيط للمستقبل للإنسان الكثير من الوقت، ذلك أنه يرشده إلى أين سيذهب وكيف يسير، فتراه يمشي بخطوات مدروسة وثابتة، وفي المقابل يؤدي عدم التخطيط إلى التشتت، ومنه إلى التخبط في دوائر الحياة، فتراه يفعل أشياء غير هامة، أو لا يحصل منها أي فائدة تذكر.

المساعدة على معرفة الهدف

بشكل طبيعي يساعد التخطيط للمستقبل على تحديد الأهداف ووضوحها، وبالتالي سهولة الوصول إليها، ذلك أن تحديد الأهداف تجعل السائر لا يلتفت إلى مغريات الطريق، وبالمثال تتضح الأشياء، فإذا نزل شخص ما إلى السوق لشراء كيلو من الخضار، فإنه سيقابل في طريقه كثير من أنواع الفواكه الجميلة واللذيذة، إلا أنه يعلم أن ما يحتاج إليه هو الخضار وليس الفاكهة، وبالتالي إذا ضيع بعض وقته سائلًا عن سعر الفاكهة، متأملًا لجمالها، فقد يمر الوقت وينفض السوق دون أن يشتري حاجته، وبالتالي يكون قد أضاع هدفه.

تعزيز وتقوية المشاعر الإيجابية

إن الغرض الرئيسي من التخطيط هو (النجاح)، وهذا بدوره سيجعل الشخص يمر ببعض المراحل الهامة والمدروسة، ولا شك بأن كل خطوة يخطوها نحو النجاح أو الوصول إلى هدفه، ستعزز المشاعر الإيجابية عنده، وسيشعر بالرضا عن نفسه ويزداد ثقةً ويقينًا بنفسه، مما يدفعه أكثر للمضي قدمًا، ومن المعروف أن الشعور بالمشاعر الإيجابية والثقة بالنفس، من أهم الأشياء التي تجعل الشخص يسأل عن كيفية التخطيط للمستقبل.

تخفيف الضغط

يؤدي التخطيط الجيد للمستقبل إلى تخفيف الضغط على الشخص، وذلك عن طريق تقسيم المهام إلى عدة أيام أو حتى ساعات، لذلك نرى أن الطالب الذي يذاكر عن طريق استخدام جدول المذاكرة، لا يصيبه توتر قبيل الامتحان في الغالب، ولا تتراكم عليه المهام، بينما الذي يذاكر بطريقة عشوائية، تتكدس عليه المواد والأعباء دفعةً واحدة، وبالتالي يؤثر عليه هذا نفسيًا بشكل بالغ.

القدرة على تخطي الصعاب

تمكنك كيفية التخطيط للمستقبل وأهميتها من تخطي الصعاب وحل المشاكل ببراعة فائقة، حيث تمنحك الوقت والقدرة على التعامل مع الأحداث المستقبلية والتكيف مع الظروف المختلفة، في الوقت الذي تؤدي فيه السير في طرق غير مدروسة إلى ظروف غامضة، ومواجهة المشاكل جملة واحدة، قد يعجز الشخص على التعامل معها، وبالتالي السقوط في مستنقع سوء ترتيب الأفكار، ومنه إلى التردي في ظلمات الفشل.

الشعور براحة البال

مما لا شك فيه أن التخطيط الجيد يؤدي إلى راحة كبيرة وشعور بالطمأنينة لصاحبه، فالشخص الذي يعلم أن خطته قابلة للتنفيذ وأهدافه قابلة للتحقيق، يشعر براحة بال لا تُوصف، وفي المقابل نرى أن اليأس يصيب من ليس لديهم خطط مستقبلية، ذلك أنهم لا يعلموا من أين يمكنهم السير في طريق النجاح.

اقرأ أيضاً: كيف أخطط لحياتي بطريقة منظمة

تعرف كيفية التخطيط للمستقبل

إذا كنت تريد أن تعرف كيفية التخطيط للمستقبل، فيجب أن تعرف أنه لابد من اتباع بعض الخطوات المدروسة من قبل مدربي التنمية البشرية والأخصائيين النفسيين بهذا الشأن، وأن الأمر ليس عبثًا، ومن أهم خطوات التخطيط للمستقبل ما يلي:

1. حدد هدفك

بدايةً عليك تحديد هدفك بشكل أساسي، فمعرفة أهدافك وتحديدها، سيساعدك على إنجازها في أقرب وقت وبأقل جهد ممكن، وقد أثبتت الدراسات النفسية أن تحديد الهدف هو أولى خطوات النجاح، كما يشحن الفرد بشحنة من الطاقة والحماس، كفيلة أن تجعله ينجز أكثر مما يتوقع منه، فقد نصت قاعدة بريتو على أن تحديد الهدف يسهم بنسبة 80% من نسبة الوصول إليه، فالفكرة الرئيسية في التحديد هي التركيز وعدم الالتفات، لذا برمج حياتك لتحيق أهدافك الأَولى فالأَولى.

2. رتب أولوياتك

تنص خطط كيفية التخطيط للمستقبل على أن تبدأ بالأهم قبل المهم، وبالعاجل قبل غير العاجل، وكذلك بالضروري قبل غيره، وعدم الحرص على ذلك يؤدي إلى تبعثر الوقت وشتات الأمر، ومن الأمور التي تعيق عملية ترتيب الأولويات ما يأتي:

  • مشاهدة برامج التوك شو غير المفيدة على شاشات التلفاز.
  • إدمان الأجهزة الذكية كالهواتف وشاشات الكمبيوتر.
  • كثرة الكلام على مواقع التواصل الاجتماعي في أمور عامة لا تسمن ولا تغني من جوع.
  • النوم أكثر من الحد المطلوب.
  • التسكع في المحلات والأماكن العامة بلا هدف.

كل هذه الأمور من شأنها أن تضيع على الإنسان فرصة استثمار حياته، وعلى الرغم من ذلك فلا يمكن إهمال الجانب الترفيهي في الحياة، لكن ينبغي أن نقدم الأولويات وأن لا نفرط في الترفيه.

3. الاهتمام بالخطط العملية

لابد لنا من وضع الخطط العملية حتى لا تتحول أهدافنا إلى مجرد سراب من الأمنيات، وهذه الخطط يجب أن تشتمل على أساليب نبيلة ووسائل مدروسة، يتبعها سعي متميز وعمل دؤوب، كما ينبغي أن يراعي الشخص الخطط الذي يقوم بوضعها، فبعضها لا بد أن تكون يومية، وأخرى تكون أسبوعية، وثالثة شهرية، وهكذا.

4. وضع خطط الطوارئ

قديمًا قالوا الدنيا على جناح يمامة، يقصدون أنها متقلبة إلى حد كبير، فتارة تصعد بك إلى ملكوت خاص وكأنها وجدت لك وحدك، وتارة تهوى بك وتضيق عليك الخناق وكأن لا مكان لك فيها، ومن خلال مراحلنا العمرية المختلفة، لمسنا أن الدنيا لا تسير على وتيرة واحدة، وأن العاقل هو من يضع في حسبانه خطة طوارئ مستقبلية، فالاستعداد المسبق يحسن القدرة على التصرف في الأوقات الصعبة.

5. تقبل الفشل

نعم “تقبل الفشل”، من لم يفشل لن يتعلم، ضع احتمال ولو بسيط أنك قد تتعرض للفشل أو الإخفاق في بعض المراحل، وعليك أن تسند نفسك وتقوي إيمانك وتقف مجددًا، واعلم أن كل من يدفعونك نحو الأمام الآن قد دفعهم غيرهم، وأنهم كثيرًا ما تذبذبت الأرض تحت أرجلهم إلا إنهم قاموا وواصلوا حتى وصلوا، ولا يعني تعرضك للفشل أنك شخص فاشل، بل يعني أنك طموح تثابر وتطمح لتصل، ربما يكون الطريق طويل وملئ بالتحديات، لكنك حتمًا ستصل.

مهارات التخطيط للمستقبل

بعد التعرف على كيفية التخطيط للمستقبل وأهم الخطوات التي عليك السير عليها للوصول إلى وجهتك في أسرع وقت وبأقل جهد، كان لزامًا علينا أن نرشدك إلى مهارات التخطيط للمستقبل التي من شأنها تسهيل رحلة الحياة وإمدادك بمزيد من القوة ومنها:

  • قوي علاقتك بالله تعالى واطلب العون منه في كل كبيرة وصغيرة في الحياة، يزيدك توفيقًا وثباتًا في وجه المصاعب.
  • حدد نقاط الضعف لديك واعمل على تقويتها من خلال الاستماع إلى مدربي التنمية البشرية أو حتى الاستعانة بذوي المعرفة، فهم خير معين لك على معرفة كيفية التخطيط للمستقبل.
  • حدد نقاط قوتك، فهي سلاحك الأقوى في معركة الحياة.
  • اعرف الخطوات التالية التي عليك السير فيها بعد تحقيق هدفك الأول، فعليك تحديد خطوات انتقالية مدروسة وفعالة.
  • تخلص من العقبات التي تواجهك بكل هدوء، فالذعر من شأنه أن يشتت انتباهك ويجعلك عرضة للتوتر النفسي.
  • طور ذاتك وقوي شخصيتك عن طريق المشاركة في الأعمال التطوعية.
  • نظم وقتك من خلال الجداول الورقية فهي خير معين على تنظيم الوقت وتحديد الأهداف.
  • تحلى بالصبر، فالشخص المتعجل من أمره دائمًا ما يصيبه الضجر واليأس في منتصف الطريق، وربما يستبطئ الرحلة فيضع العدة ويرافق الكسل.
  • احصل على الدعم اللازم، ولا تخجل من هذا الأمر، فكلنا في حاجة إلى بعضنا البعض، وقد خلق الله فينا نقص حتى نكمل بعض، فالبعض يحتاج إليك ماديًا وأنت تحتاج إليه معنويًا وهكذا تسير دائرة الحياة.

بذلك نكون قد تحدثنا معكم عن كيفية التخطيط للمستقبل في خطوات وجيزة ومدروسة، وعلينا دائمًا أن نؤمن بأهمية التخطيط وفوائده الجمة، فمن يتأمل الكون من حوله يرى أنه يسير في خطوات ثابتة، وبقوانين إلهية لو اختل أحدها لتسبب في كارثة عظمى، كما ينبغي على الإنسان أن يعلم بأن التدرج والتأني سنة من سنن الله في كونه، ذلك أن المولى قد خلق السماوات والأرض في ستة أيام، وكان قادرًا على أن يخلقهم في لمح البصر، فلا تستبطئ النصر.

اقرأ أيضاً: التخطيط للمستقبل ومقومات الشخصية الناجحة

قد يعجبك ايضا