تقوية الشخصية وعدم الخوف من المجتمع

تقوية الشخصية وعدم الخوف من الانغماس في المجتمع المحيط بالفرد من أبرز السمات التي يحاول الكثيرين اكتسابها والرفع منها، حيث تمثل قوة الشخصية وسيلة في القيام بالمهام وإنجاز الأهداف المختلفة، المعرفية والسلوكية والوظيفية بأفضل طريقة ممكنة مع القدرة على مواجهة المصاعب والتحديات المحيطة سواء من الأشخاص أو المواقف.

أهمية تقوية الشخصية وعدم الخوف

تطورت في وقتنا الحالي العديد من العلوم الاجتماعية والشخصية المهتمة بدراسة الشخصية الإنسانية بمختلف جوانبها، في محاولة للارتقاء بالأفراد ومن ثم المجتمعات البشرية، وفي سبيل تكوين شخصية سوية يمكنها التفاعل بإيجابية مع المحيطين بها؛ فكان من اللازم التعرف على كل ما من شأنه المساعدة في بناء شخصية قوية متفهمة لا تخشى المواجهة والتصدر، وقد ارتكزت تلك الشخصية على مجموعة من السمات المميزة والتي يختلف على أساسها نصيب الفرد من قوة الشخصية.

تأثير قوة الشخصية على حياة الإنسان

طابع القوة في كل شخص هو طابع مميز فريد من نوعه يؤثر في حياة الشخص ويتأثر بها صعودًا وهبوطًا، حيث تنعكس قوة الشخصية على تعامل الفرد في موقف معين من المواقف الحياتية المختلفة التي يمر بها، كما تؤثر النتيجة المحتملة لهذا الموقف على مقدار ما يمتلكه الشخص من قوة وثقة في النفس، فإما أن يخرج الشخص من أصعب المواقف بخبرات تزيد من ثقته بنفسه وقوة شخصيته، وإما أن يفقد جزء كبير من تلك السمات الشخصية المميزة له.

أهم السمات الدالة على قوة الشخصية

هناك مجموعة من السلوكيات والأسس التي تنبع منها قوة الشخصية والثقة الحقيقية في النفس، والتي تتواجد عند كل الأفراد بنسب مختلفة تتفاوت من شخص إلى آخر، وعلى أساس ما يمتلك الشخص من تلك العوامل يتم الحكم على قوة شخصيته، ومن الضروري أن تتداخل تلك الأسس الحميدة للشخصية القويمة وتتكامل لتحقيق ذلك الهدف المنشود، وهي:

  • الحب المتبادل والحفاظ على علاقة لطيفة يغلفها الود والمحبة بكل المحيطين، مع وجود الاحترام  وخلق جو من التوازن بينهم.
  • الرغبة المستمرة في التعلم واكتساب المهارات الحياتية والمعرفية الجديدة، وعدم الاستسلام أو الملل، والمجاهدة لاستكمال الأهداف المنشودة.
  • الانفتاح على العالم الخارجي والمرور بتجارب مختلفة وأفكار متجددة بعيدًا عن النمطية والروتين.
  • إدراك الهدف الأساسي من حياته، ووضع مجموعة من الأهداف السامية لتصبح الإنجاز الشخصي للفرد في الحياة.
  • القدرة على العمل في فريق والنجاح في تنفيذ المهام المطلوبة بكل إخلاص وكفاءة، مع إضافة الطابع المميز واللمسة الفريدة المميز له.
  • الذكاء الاجتماعي والقدرة على تفهم مشاعر الآخرين وأفكارهم، وترجمة سلوكياتهم المختلفة بطريقة صحيحة.
  • عدم التردد في تقديم يد العون، والحرص على بذل المزيد من الوقت والجهد من أجل الآخرين.
  • السيطرة على ردود الأفعال والانفعالات عند التعرض للمواقف المختلفة، والناتجة عن التفكير العميق والسريع قبل التعامل.
  • النظرة المتأنية والعميقة لكافة جوانب الموقف، ورؤية العالم من زوايا مختلفة؛ مما يكسب الفرد تقوية الشخصية وعدم الخوف من التعامل معه.
  • التدقيق في القرارات اليومية والتي يُبنى عليها الكثير من الخطط والأهداف المستقبلية والمصيرية، النابعة عن نظرة طموحة ومتفائلة للمستقبل.
  • السعي إلى القيادة دون تخوف أو تردد، مع القيام بمهام القائد بكل تمكن وقوة، والسيطرة على كافة أفراد الفريق وتحفيزهم لتقديم أفضل ما لديهم.
  • يمتاز الشخص القوي بالأمانة والجدية في القول والعمل.
  • لا تتعارض الشخصية القوية الحازمة مع إظهار قدر من المرح والفكاهة في الوسط المحيط، مع تقبل أخطاء الآخرين والتسامح، دون تجاوز.
  • التركيز على الأفعال والإنجازات دون السعي إلى لفت الانتباه، والرضا والقناعة في كل الأحوال، مع الوعي بالنعم المحيطة وتقديرها.

اقرأ أيضاً: عوامل بناء الشخصية القوية

كيفية تقوية الشخصية وعدم الخوف

من أهم النقاط التي تبنى عليها قوة الشخصية تشترك فيها الثقافات المختلفة على مستوى العالم بشكلٍ كبير، والتي يجب أن تُغرس في الأفراد منذ نعومة أظافرهم، للوصول إلى شخصيات تملك من الثقة بالنفس والقوة ما يؤهلها للتأثير والتميز في أي موقع يشغلونه أو أي مجتمع يعيشون فيه، ومنها:

1. الوعي الذاتي

هو أول خطوات الفرد للوصول إلى الشخصية القوية الفعالة؛ حيث تفهُم الشخص لنقاط الاختلاف لديه عن المحيطين به وتقدير تلك الاختلافات سواء الإيجابية منها أو السلبية هو الدافع الأول لتخطي عقبة عدم الثقة بالنفس والخوف من لفت الانتباه، فتعلم الشجاعة والإقدام لا يمكن دون إحساس الفرد بالخوف في المرة الأولى، كذلك لا تكتسب مهارة ضبط النفس والقوة دون المجاهدة لمنعها من القيام بفعل خاطئ، إذًا فتحديد السلبيات الموجودة في شخصياتنا وكيفية التغلب عليها هي المهارة الأولى للوصول إلى تقوية النفس وعدم الخوف.

2. التدرب على الرفض غير المسبب

من الضروري أن يحتفظ الفرد بمساحته الخاصة والتي لا يقبل باختراقها لأي سبب أو أي شخص؛ الخصوصية والاستقلال من أهم العوامل التي تعطي الشخص فرصته للعمل على بناء شخصيته القويمة والقوية للتعامل على أساسها مع الجميع عند الاختلاط بهم، فإحساس الفرد بأنه إنسان مخترَق معرض للاحتكاك في أي وقت؛ من أبرز الأسباب التي تجعله يحجم عن الاندماج مع المحيطين به كارهًا لنفسه ضعيف ومهزوز الشخصية.

3. التخلص من الخبرات السلبية الماضية

قد تنتج الشخصية الضعيفة المترددة عن تراكم العديد من التجارب القاسية على النفس؛ لتنتج مخزون من التشوهات الشخصية والنفسية والتي تظهر في ضعفه وعدم الرغبة في التعامل مع الآخرين لتفادي تكرار أيٍ منها؛ والعكس هو الصحيح حيث يلزم التخلص من ترسبات الماضي وتجاوز تلك العثرات لبناء قوة الشخصية وتعزيز ثقتها بنفسها والتي تمثل أساس أي نجاح للفرد في حياته المهنية والاجتماعية والعاطفية وغيرها من جوانب الحياة المختلفة.

4. المواجهة والإصرار على الاندماج

الشخصية القوية هي شخصية مميزة لا نقبل بالاختباء والعزوف عن الاحتكاك بالآخرين بل تواجه الحياة بتحدياتها وتنتصر عليها، لذا كان من الضروري التركيز على تعزيز الثقة في قدرة الشخص على الصمود والتغلب على كل ما يواجهه من صعاب، ولكن مع الحفاظ على التوازن والاعتدال في ذلك الاندماج، والذي قد يسبب نتائج عكسية تؤثر على خطوات عملية تقوية الشخصية وعدم الخوف.

 5. اكتساب المهارات الاجتماعية

التعرف على المحيطين ومحاولة تكوين بعض الصداقات الجديدة والتفاعل الإيجابي مع المجتمع المحيط كلها أمور يجب التدرب عليها والمحاولة حتى تحقيق أكبر قدر منها، بالإضافة إلى محاولة التخلص من الأفكار السلبية عن التعامل مع الناس والتي قد تنشأ عن بعض الخبرات السلبية السابقة، فالتصرف بحكمة في المواقف الاجتماعية المختلفة يجنب الشخص الكثير من الاحتكاكات غير المقبولة والتي قد تؤثر على شخصيته بالضعف والتشويش.

 6. تعلم مهارة إدارة وتنظيم الوقت

تمثل أحد أهم  المهارات التي يجب العمل على تعلمها ضمن مهارات تقوية الشخصية وعدم الخوف؛ فالتحكم في عامل الوقت والقدرة على إدارة الشخص لحياته بنوع من القوة والحكمة، هما الركيزة الأولى للشخص الناجح القادر على التصدر في مختلف المجالات بقوة شخصية وثقة في النجاح يفتقدها الكثيرين في العديد من المواقف.

7. التخطيط الجيد لكل قرار

التسرع والعشوائية عند اتخاذ القرارات من المسببات الرئيسية للفشل في الحياة العملية أو الاجتماعية والتي تترسخ في وجدان الشخص؛ فتقف كحائط صد بينه وبين العديد من الأمور الهامة المتعلقة به خوفًا من الإحباط والفشل، مما يفقده الثقة في تفكيره وسلوكياته، لتظهر بعدها شخصيته المهزوزة الخائفة، لذا كان من الضروري الوقوف مع النفس لوقت قصير للتخطيط الجيد والمنظم والذي تظهر آثاره في الشخصية بمجرد النجاح في تحقيق الهدف المطلوب واتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب.

8. تدوين التجارب الناجحة والخبرات الإيجابية المكتسبة

حديث النفس المكتوب من الوسائل المثالية لتعزيز الشخصية ودفعها للتغلب على ذلك الضعف الذي يعتريها في الكثير من المواقف؛ لذا كان من المفيد أن يتخذ الفرد مرآة من الورق تنعكس عليها كافة الإيجابيات التي اكتسبها في تجاربه المختلفة، فكلما تراكمت تلك الخبرات الناجحة كلما ارتفاع الشعور بالذات والتعبير عنها بقوة دون خجل أو خوف.

9. عدم الاستسلام حتى مع الفشل المتكرر

الحياة رحلة طويلة من العقبات والصعوبات المتتالية، فلا مجال للشخصية الناجحة الواثقة من نفسها للاستسلام للتعثر في أي مجال أو مرحلة من مراحل الحياة، فمع كل محاولة فاشلة سترتفع قدرة الشخص وقوته في تخطي العثرات القادمة، فبالرغم من كونها تجارب قاسية التي تنغص على الشخص حياته لوقت طويل، إلا أن عليه المحارب والاعتصام بالله سبحانه وتعالى للخروج من تلك التجربة بشخصية أقوى وثقة أكبر.

10. التدرب على التفكير لثوان قبل الكلام أو اتخاذ أي قرار

السيطرة على الاندفاع في الرد والتصرف من أهم المهارات التي يجب التدرب عليها، لإفساح المجال أمام قوة الشخصية للظهور على السطح، ومن المفيد في ذلك الصدد الوقوف مع النفس لبضع ثوانٍ قبل النطق أو تحديد أي اختيارات، الأمر الذي سيصبح مع الوقت عادة تلقائية غير ملحوظة، ولكنها ذات فاعلية كبيرة في اكتساب في اتخاذ القرارات الصائبة ومن ثم رفع الثقة بالنفس وقوة الشخصية بشكلٍ كبير.

11. الاهتمام بالمظهر الخارجي دون مبالغة

طريقة الكلام والحركة، اختيار الملبس وكيفية ارتدائه؛ كلها مهارات مكتسبة يمكن التعديل عليها وتحسينها بسهولة عند الإصرار على الوصول للصورة المثالية التي تُرضي الشخص عن نفسه واكسابه المزيد من الثقة بالنفس؛ مع الانتباه إلى عدم تحول ذلك الأمر إلى هوس أو وسواس يُفسد على الشخص حياته، حيث يضاعف شعور الفرد بالإعجاب والاستحسان من المحيطين به من تقوية الشخصية وعدم الخوف من تنمر الآخرين عليه.

في الختام فإن الشخصية الضعيفة المترددة هي شخصية مصابة بنوع من أمراض الشخصية التي تؤثر سلبًا في كافة جوانب حياته، فتمنعه من اتخاذ القرار المناسب في الوقت الصحيح، وتدفعه إلى الانعزال عن العالم الخارجي في محاولة لتجنب أي احتكاك بالآخرين في كثير من الأحيان، لذا كان من الضروري الوقوف على كافة السبل التي تعالج ذلك الخلل الشخصي وتعمل على تقوية الشخصية وعدم الخوف من الفشل أو تلقي اللوم من الأخرين.

اقرأ أيضاً: قوة العزيمة والإرادة مفتاح النجاح والتميز

المراجع

  1. What Is (AVPD)? – Verywellmind
  2. Social Anxiety Disorder – HelpGuide.org
  3. The Family and Democractic Society .. Joseph K. Folsom
قد يعجبك ايضا