تعريف الانضباط الذاتي

هل لديك هدف ما تريد تحقيقه، ولكن لا تستطيع أن تُنجزه؟ وضعت خطتك، وتعرف تمامًا ماذا ستفعل، ولكن لا يمكنك القيام بذلك؟ ربما يمتلكك شعورًا من الإحباط الشديد؛ وذلك بسبب افتقارك للتعرف على تعريف الانضباط الذاتي وماهيته، لذا إذا كُنت مُستعد حقًا، وتحتاج إلى دُفعة مليئة بالدعم الإيجابي، استكمل القراءة.

ماهو تعريف الانضباط الذاتي

إذا قيل لك عرف الانضباط الذاتي، فأنت لابد أن تعلم أنك لن تستيقظ فجأةً وتجد نفسك منضبطًا ذاتيًا، بل إن الأمر يحتاج إلى اكتساب بعض المهارات، والقيام بعدة تمرينات، ويأتي مفهومه على أنه قدرتك على القيام بما يجب عليك فعله، في الوقت المُقدّر، سواء إذا رغبت في ذلك أم لا.

أيضًا هو قدرتك على تجنب كافة الرفاهيات والمُتع المؤقتة التي تعيق تفكيرك، ويعني تعلّم طريقة صبّ طاقاتك وعقلك على أهدافك، والتمسك بذلك حتى يتم إكمالها، كما أنه يعني سُبل تنمية العقل للتحكم باختياراتك بدلًا من عاداتك السيئة أو مشاعرك أو التأثير على الغير.

سُبل تنمية الانضباط الذاتي

كما نعلم أن بناء العضلات يستغرق وقتًا، أيضًا تنمية الانضباط الذاتي لديك يتطلب بعض الوقت، فكلما تمرنت ستصبح أقوى، ولكن كالتمارين الرياضية إذا قُمت بها في آنِ واحد سوف تجرح نفسك، لذا قد جئنا إليك بمجموعة من النصائح، إذا اتبعتها ستساعدك على هذا الأمر، وهي كالتالي:-

الالتزام بالتفكير الواضح بصورة دائمة

إن التزامك بعادة التفكير من الأمور الضرورية في الانضباط الذاتي، إذ في حالة مواجهتك لأي عقبة في طريقك، لابد أن تحاول جاهدًا ممارسة التأمل بهدف الحصول على الاسترخاء بشكل تام، وبعد ذلك قم بتدوين تلك العقبة في دفتر، وحينئذً يصبح بإمكانك عمل جلسة استقصاء ذهني لمناقشة ذاتك في عدة حلول مناسبة لها.

التحلي بالشجاعة

من المتعارف عليه أن مواجهة المرء لمخاوفه بدلًا من الهرب منها، هي ما تساعده على تخطيها والتغلب عليها، حيث قال الكاتب رالف والدو معبرًا عنه: (افعل الأمور التي تهاب القيام بها، وستجد أن الخوف يموت داخلك).

الالتزام بالعمل الجاد

كلما قُت بالالتزام بالعمل المُتقن والجاد كلما كانت سُمعتك في محيط عملك جيدة جدًا، وارتفع فرص تفوقك ونجاحك، فلكل مُجتهدً نصيب، وقال توماس جيفرسون مؤكدًا: ( كلما كُنت مُجتهدًا في عملك، أصبحت الأكثر حظًا).

استغلال الوقت بفاعلية مرتفعة وعدم إضاعته

ينعكس النجاح في إدارة الوقت بصورة إيجابية على نجاحك في كافة الأعمال التي تعزم القيام بها، ولهذا ننصح باتباع القاعدة التالية: (كل دقيقة تستغرقها في التخطيط لأمر ما، تتيح لك عشر دقائق في تنفيذ ذلك الأمر)، وحتى يمكنك تحقيق ذلك لابد أن تكتب خطة يومية لإتمام جميع مهامك مع ترتيبها حسب أولوياتك، وستجد أنها توفر عليك وقتًا كثيرًا.

الالتزام بالعادات الصحية

يجب أن تكون متمتعًا بتركيز عالِ وبصحة جيدة حتى تستطيع إتمام مهامك على أكمل وجه، فالعقل السليم في الجسم السليم، ولهذا ننصح باتباع كافة القواعد الصحية والالتزام بها، خاصةً الأطعمة التي تساهم في تقوية الجهاز المناعي.

تحديد الأهداف اليومية

إذا علمت ما الذي ترغب فيه في حياتك، والأهداف التي تريد أن تحققها إلى جانب تحديد طموحاتك بشيء من الدقة، هكذا تكون في طريقك لتحقيق الانضباط الذاتي، كما يمكنك تحقيقه أيضًا من خلال كتابة وتدوين كل ما تم ذكره مع مراعاة مراجعته بصورة يومية، وتقديم التحفيز والدعم اللازم لذاتك؛ وذلك حتى يمكنك القيام بكل ما تريده.

الإصرار على النجاح

قيل أن الشجاعة تتكون من جزئين أساسين هما:- بدء القيام بأي عمل من دون وجود أي ضمان على إتمام النجاح، والشجاعة والقوة المهمين في إتمام العمل الذي قمت بالبدء فيه، وأيضًا إلحاحك على تحقيقه رغم كافة المثبّطات التي تحيط بك وتحاول أن تُخفق وتستسلم، وبناء على ذلك يُعد الإصرار على تحقيق النجاح من أجل تجاوز كل العقبات التي تواجهك من الاختبارات المهمة جدًا في الانضباط الذاتي.

إتاحة المال بصورة منتظمة والاستثمار

يُعد الاستقلال المادي من الأمور الهامة من أجل تحقيق النجاح، لهذا إذا كُنت مديونًا، فينبغي عليك أن تقوم بتسديد تلك الديون في الحال، وبعد ذلك حاول أن تعمل على توفير المال بصورة منتظمة، وننصح أن تقوم في بادئ الأمر بإتاحة نسبة معينة من راتبك، وزيادتها تدريجيًا كل شهر، وعندما يكتمل المبلغ الذي تعزم على الوصول إليه، استثمر في مشروعًا ما يلائم قدراتك المادية والمعنوية.

تطوير ذاتك والتعلم بصورة مستمرة

تطوير الذات والتعلم بصورة مستمرة يندرج ضمن أفضل الطرق المؤدية إلى الانضباط الذاتي، ولهذا ننصحك بألا تجعل أي فرصة تساعدك على الحصول على معلومات مفيدة، تضيع من بين يديك، على سبيل المثال، قراءة كتب في تخصصك أو الاشتراك في دورات إضافة تساعد في تنمية مهارتك، كل تلك الأمور لها عامل فعّال في التحكم في كل المشاكل والأمور التي تواجهك.

تحديد العقبات والمعوقات

أثناء رحلتك في تحقيق الانضباط الذاتي، يَجدُر بك تحديد كافة العقبات والمعقوات التي تسعى جاهدة لتثبيط أهدافك، ولهذا ينبغي أن تكون صريح مع ذاتك مع مراعاة عدم التغافل مع أيًا من تلك المثبّطات التي تحول دون الوصول إلى طموحاتك وتحقيقها.

لا تظن أنك هكذا قد أصبحت منضبطًا ذاتيًا، فلا يقتصر الأمر على تعريف الانضباط الذاتي وسُبل تنميته، بل يجب عليك أن تكون على دراية كاملة بـ أهميته، وأيضًا العوامل المؤثرة فيه، وهذا تمامًا ما سوف نتحدث عنه بشيء من التفصيل فيما يلي.

اقرأ أيضاً: تعريف مؤشر التنمية البشرية 

أهمية الانضباط الذاتي

لا يمكننا أن ننكر أهمية الانضباط الذاتي الفعلية، فهي متباينة جدًا فيما تم ذكره من سُبل تنميته وتعريفه، إذ أن الإنسان النضبط ذاتيًا يتحلى بمجموعة من المزايا، والتي سوف نذكرها لك في السطور التالية:-

التمتع بصحة جيدة

إذ أنك سوف تجد المرء المنضبط ذاتيًا متمتعًا بصحة جيدة؛ ويرجع ذلك لكونه قادر على الالتزام بنظام غذائي جيد مع اتباع العادات الصحية السليمة إلى جانب قيامه بالأنشطة الرياضية بصورة منتظمة، الأمر الذي جعله يتمتع بجسم صحي.

التمتع بسعادة كبيرة

يتمتع المنضبط ذاتيًا بسعادة كبيرة على المستوى الشخصي؛ وذلك نظرًا لأنه يمتاز بحس عالي من المسئولية، فهو يعرف ما له وما عليه، الأمر الذي يجعله يتجنب الدخول في أي خلاف مع الأناس المحيطين به، مما أصبحت حياته مليئة بالاستقرار.

تحقيق النجاحات الكبيرة

من ضمن تعريف الانضباط الذاتي أن الشخص المنضبط ذاتيًا يكون بارع ومتمرس في وضع خططه وأهدافه، وأيضًا الاستراتيجيات التي تساعده على النجاح وسهولة الوصول إلى الأهداف خلال مدة قياسية، الأمر الذي يضمن له الحصول على إنجازات متتالية.

الرضا عن الحياة، والتمتع بمهارات التواصل

دائمًا ما ستجد الشخص المنضبط ذاتيًا راضٍ عن حياته، وأيضًا ستجد أن نسبة إصابته بمرض الاكتئاب منخفضة، وغيره من الأمراض النفسية، إضافة إلى أنه يتميز بالتمتع بعلاقات قوية مع الأشخاص من حوله؛ ويرجع ذلك إلى امتلاكه مهارات جيدة في التواصل مع الآخرين.

العوامل المؤثرة في الانضباط الذاتي

اتفقنا على أنك لن تستطيع القيام بأي نجاح شخصي أو هدف أو إنجاز ما من دون تحقيق الانضباط الذاتي أولًا، وقد سبق وتعرفنا على أهميته في حياتك، وجاء دور التعرف على العوامل التي تؤثر فيه، وهي كالتالي:-

الأسرة

هي أولى العوامل المؤثرة في انضباطك الذاتي، ففيها تتبين سماتك الشخصية والفكرية؛ ويرجع ذلك لكونها البيئة التي ساعدتك على نمو شخصيتك وتطورها من الناحية الاجتماعية والنفسية والعاطفية، كما أن فيها نما ذكائك، وطريقة تعاملك مع ذاتك والغير.

تُعد الوسائل التي تم استخدامها من قبل الأسرة في نشأة أبنائها مؤثرة بشكل كبير فيهم وفي تفكيرهم، وعن طريقها يدركون الفرق بين الخطأ والصواب، إلى جانب السلوكيات الاجتماعية والفردية التي لابد التمسك بها أو تركها، مما يكون مؤثرًا في انضباطك الذاتي.

المدرسة

إن دور المدرسة لا يقل أهمية عن دور الأسرة من حيث منحك الانضباط الذاتي؛ ولك لأنها تُعد البيئة التي تحتوي الفرد من حيث تلبية احتياجاته وتنمية إدراكه، فهي وسيلة ضرورية لتوسيع دائرة المعارف، بحيث بدلًا من أن تكون تلك الدائرة قد اقتصرت فقط على الأقارب، بل تمتد لتكون مشتملة على الإداريين والمدرسين والزملاء.

الأصدقاء

في أغلب الأحيان يرتفع تأثير أصدقائك على تكوين انضباطك الذاتي عن تأثير المدرسة والأسرة، حيث يوجد عوامل مشتركة بينك وبين أصدقائك مثل المشكلات التي تواجههم والبيئة الاجتماعية والسن ورغبتهم الشديدة في الاستقلال، وتعتبر تلك العوامل إحدى المصادر السلوكية المكتسبة لديك.

الدين

إن الدين هو أقوى وأهم العوامل التي تؤثر على انضباطك الذاتي، حيث أن الالتزام بتعاليمه من الأمور المؤثرة بصورة إيجابية عليك، وعندما تداوم على العبادة، على سبيل المثال، الصلاة فسوف تجد أنها تحتاج منك الوضوء والالتزام بمواعيد معينة.

إلى هنا نكون قد ألممنا بكل ما يتعلق بـ تعريف الانضباط الذاتي، وسُبل تنميته، وأهميته إلى جانب العوامل التي تؤثر فيه بصورة إيجابية، وأهم الأمور التي تجعلك ترغب في التحلي بـ الانضباط الذاتي، أنه من الأمور المطلوبة في الإسلام.

اقرأ أيضاً: كيفية علاج التردد في اتخاذ القرار الصحيح

قد يعجبك ايضا