أفكار للسعادة في العمل والنجاح

هل السعادة غاية سهلة المنال؟ أم دربٍ من دروب المحال؟ سؤال حير الكثيرين وأعيا في الوصول إليه الباحثين عن أفكار للسعادة في العمل بوجهٍ خاص، الأمر الذي ينظر إليه البعض كهدف ُيسعى للوصول إليه، بينما يراه آخر دافع للمزيد من الإنجازات والنجاحات، ولكن بشكلٍ عام فإن السعادة هي خط فاصل بين عامل محترف غير سعيد بمجال عمله، وعامل أقل كفاءة ولكن سعيد ومستمتع بما يقوم به، فبالرغم من احترافية الأول ومؤهلاته الأعلى إلا إن سعادة الثاني سترتفع به ليتجاوز إنتاج ونجاح الأول.

عوامل تحقيق السعادة في العمل

قبل التعرف على أفكار للسعادة في العمل، فإن السعادة بوجهٍ عام من أسمى المعاني التي يسعى الإنسان إلى إدراكها، وتُبنى هذا المشاعر المتحكمة بشكل كبير في الكثير من جوانب حياة الإنسان على مجموعة من الأسس والعوامل الهامة، وبمقدار تحقق تلك العوامل يمكن الحكم على مدى سعادة الشخص بعمله، ومن أهم عوامل السعادة الوظيفية التي تساعد في الوصول إلى ذلك الشعور المفقود بالمتعة في العمل:

  • التوازن بين الأجر أو العائد المادي في مقابل المجهود العضلي والنفسي والعصبي المستهلك في إنجاز العمل.
  • القدرة على التقدم والارتقاء بالعمل، تُكسب الفرد قدرًا من الثقة بالنفس والطاقة الإيجابية المحفزة على المواصلة والإنجاز.
  • التواجد في وسط قائم على التعاون والمشاركة والاحترام المتبادل بين جميع أفراد فريق العمل.
  • الإدارة الحكيمة والمحترفة القادرة على تسيير العملية الإنتاجية، بما يحقق السعادة في العمل للعاملين من ناحية، والإنتاج الضخم من ناحية أخرى.
  • تقدير محاولة الشخص ومجهوده للوصول بالعمل إلى أفضل نتيجة ممكنة، إتاحة المساحة للعمل بحرية وإبداع.

والجدير بالذكر أن مقدار التفاوت في الإنتاج الذي تحدثه السعادة في العمل يقدر بنحو 12% بما يعود بالنفع على مؤسسة العمل والمجتمع ككل، وذلك طبقًا لعدد من الأبحاث العلمية والدراسات العملية التي أجريت في ذلك الصدد، وأشهرها ما قامت به جامعة واريك البريطانية.

أفكار للسعادة في العمل

يقترب مفهوم السعادة في بيئة العمل المعتاد من مفهوم الرضا والراحة النفسية، فإذا قَنُع الإنسان بما يعمل وأحبه أخرج طاقات هائلة وإنجازات عظيمة نابعة من محاولات الابتكار والإبداع بعيدًا عن الروتين والجمود الذي يقتل روح الابتكار والإنتاج لديه، والتي تقوم على بعض الخطوات الهامة مثل:

التوكل والسعي

السعي الحثيث لاختيار نوع العمل المناسب لشخصية وطموحات الفرد بما يحقق قدرً من السعادة والإيجابية في العمل، وإن مَثل هذا الأمر نوعًا من الرفاهية غير المكفولة في وقتنا الحالي نتيجة للضغوط الحياتية والمسؤوليات الكثيرة الملقاة على عاتق الفرد، إلا إن التوكل على الله تعالى والاستعانة به، ثم السعي المتواصل، مع بعضٍ من قوة العزيمة والإرادة يضمن تحقيق ذلك الهدف السامي بشكل كبير.

التطلع للأفضل دائمًا

النظرة القاصرة المشهورة عن العمل بأنه أداء مجموعة من المهام المطلوبة بشكل مجرد والحصول على مقابل مادي فقط بلا روح أو شعور هي بالتأكيد ما تعيق الفرد عن التفكير في الوصول لمراحل أعلى من تحقيق الذات والحصول على قيمة لا تقدر بمال، ألا وهي السعادة، لذا كان من اللازم النظر إلى العمل بنظرة أعمق وأشمل والتطلع للصعود إلى قمة ذلك المجال بلا كلل أو ملل.

تدوين النجاحات والاستمتاع بها

من أكثر ما يُسعد الشخص في عمله تحقيق بعض النجاحات المتتالية والتي ترفعه للمزيد من الإنجاز والإصرار على النجاح، وتدوين تلك التجارب الناجحة أول بأول والتركيز عليها من أهم العوامل التي تعزز من شعور السعادة الوظيفية في بيئة العمل والرضا لديه، مع عدم إغفال جانب الإخفاقات أو التجارب الفاشلة ليستفيد منها في محاولاته القادة إلى النجاح والسعادة.

التكيف والمرونة

الشخصية الذكية هي الشخصية القادرة على تجاوز مرحلة التذمر والشكوى من وضع معين وُضعت فيه، سواء اختارت ذلك الوضع أو أُجبرت عليه، تمتلك من مهارات التفكير الإيجابي والتخطيط الجيد ما يمكنها من الاستفادة القصوى من كافة الإمكانيات المتاحة لديها في مرونة رائعة لترسم حولها هالة من الراحة النفسية والسعادة بالقدر الذي يقودها للحصول على حياة أفضل ومستقبل أرقى.

خلق جو من الود والتفاهم

بيئة العمل المفعمة بالكثير من الود مع بعض المرح بعيدًا عن الصراعات والمشاحنات من الركائز الأساسية التي تُبنى عليها مشاعر السعادة في العمل، حيث طُبع الإنسان منذ خلقه على التفاعل الإيجابي والعلاقات الاجتماعية الواسعة بمن حوله، يشجعه العمل في دوائر متصلة بفريق عمله على الإنجاز والاجتهاد للتميز، فيتولد لديه قدر من الرضا والسعادة تدفعه لبذل مجهود أكبر ووقت أطول، وبالتالي إنتاج أفضل وأسرع.

رسم حدود غير قابلة للتجاوز

أبرز أفكار للسعادة في العمل تتمثل في التعامل باحترافية مع المحيطين بلا مبالغة في تكوين علاقات سلبية تجهد الشخص نفسيًا وعضويًا، أو الانطواء وتجنب التعامل مع المحيطين به في مجتمع العمل، فذلك توازن يحقق قدر كبير من السعادة في العمل والرضا عن النفس، حيث تضمن نوع من الاحترام المتبادل بين كل الأطراف، تترك له المجال واسعًا للتركيز على التطور وأداء أفضل ما لديه.

الاجتهاد والتميز

امتلاك العديد من السمات الشخصية الفريدة، والمهارات العالية يكسب الفرد المزيد من التميز وتضعه في مركز دائرة الضوء بين أقرانه في بيئة العمل، وبالفطرة الإنسانية التي فطرنا الله تعالى عليها؛ يعود هذا الأمر بالسعادة الغامرة على الإنسان، ويشعره بنشوة النجاح والتميز، لذا كان من الضروري العمل الدؤوب على اكتساب الكثير والكثير من المهارات ورفع الكفاءة الوظيفية والعلمية للوصول إلى ذلك الهدف.

اقرأ أيضاً: أهداف ومكونات التنمية البشرية

انعكاس السعادة في العمل على حياة الإنسان

التأثير الإيجابي لاستمتاع الشخص بعمله وسعادته بهذا العمل يمتد إلى الكثير من جوانب حياته، فعند غياب مجموعة الركائز الأساسية لذلك الشعور الهام أو بعضها، يتولد لدى الشخص شعور بالملل والإحباط يدفعه لأداء عمله في صورة روتينية كئيبة تهوي بإنتاجيته إلى أدنى مستوياتها، الأمر الذي يعود بدوره بالسلب على المقابل المادي المتوقع، ومن ثم نظرة الشخص التشاؤمية إلى حياته العملية، وهكذا هي دوامة من الإخفاقات النفسية والمادية والاجتماعية المرتبطة والمتشابكة.

السعادة شعور معدي

الشخص السعيد في عمله ينشر حوله طاقة إيجابية يلمسها الآخرين في أدائه لواجبات عمله بحب وإتقان، مما يجعله مثلاً يحاولون الاقتداء به، كما أن قائد العمل إذا امتلك قدرًا من السعادة بمهام منصبه وطبيعة عمله انعكس ذلك على فريقه بشكل كبير، مما يترتب عليه المزيد والمزيد من النجاح والتفوق وهي أحد أفكار للسعادة في العمل الفعالة.

السعادة في العمل لصحة أفضل

لا شك أن هناك ارتباط قوي بين مشاعر الشخص وأفكاره وسلوكه، فإذا ما أخفق في أحد تلك الجوانب الهامة سقطت تلك الرابطة بالكامل وارتدت على صحة الفرد النفسية والعضوية، فحين تسيطر السعادة على المشاعر، والإيجابية على الأفكار، ظهر ذلك في سلوك الشخص وتفاعله مع العالم المحيط به، ليتمتع بقدر كبير من الصحة بعيدًا عن الاكتئاب والتوتر والقلق، والتي تصيبه بالعديد من الأمراض العضوية المزمنة والقاسية.

في الختام؛ العلاقة بين العمل والسعادة هي علاقة غامضة تشبه المتاهة إلى حدٍ ما، هل العمل يحقق السعادة للإنسان؟ أم إن السعادة هي سبب النجاح في العمل؟، وقد كان لظهور مجالات جديدة ومعقدة في سوق العمل في عصرنا الحالي بالغ الأثر في محاولة فك رموز تلك المتاهة والبحث عن أفكار للسعادة في العمل للارتقاء بمستوى العمل وحياة العامل، فالعامل السعيد هو مصدر الطاقة لبناء استثمار جيد ومجتمع ناجح.

اقرأ أيضاً: اهم أفكار كتاب قوة الان

قد يعجبك ايضا