أسباب التسويف | كن حاسمًَا وابدأ على الفور

من الأخطاء الفادحة التي يمكن أن يقع فيها بعضنا هو الكسل المزمن والتراخي عن إنجاز المهام عن طريق ترويض نفسك بالخطأ، حيث تقول أنك اليوم ليس على ما يرام، أو لما العجلة في تنفيذ المهام، دون الوعي أن هذا هو أحد أسباب التسويف، التي ستصبح عادة لديك عندما يتطلب منك بذل مجهود لتنفيذ مهمة ما، ويصبح حينها تأجيل المهام هو مطلبك كلما أوشكت على القيام بمهمةٍ ما وهكذا. 

ما معنى التسويف

قبل التطرق إلى أسباب التسويف وعلاجه، سوف نتحدث أولًا عن معنى كلمة التسويف، لأنها قد تتردد على مسامع البعض دون فهم ما ترمي إليه، هي كلمة مشتقة من سوف، والفعل يسوف بمعنى يؤخر، أي تعني التأخير والمماطلة وتأجيل تنفيذ المهام لأجل غير مسمى، يرجع السبب في ذلك إلى الخوف من كيفية البدء في عملٍ ما؛ خشيةً من صعوبته أو تعقيده، مما يجعل هذا الشخص المماطل دائمًا ما يخلق الأعذار التي تمنعه عن القيام بالعمل في مقابل الترفيه عن نفسه.

كما يمكننا القول أن التسويف ظاهرة اجتماعية أو عادة أصبح المعظم يعتمدها، حيث أصبح الفرد يهتم بتنفيذ المهام على حسب الراحة الجسدية والنفسية، وليس على حسب الأولوية والأهمية، ونتج ذلك عن التطور التكنولوجي الذي أصبحنا نشهده الآن والذي أدى إلى صعوبة التركيز وسهولة التشتت. 

أسباب التسويف

تعد مشكلة التسويف بمثابة دوامة تحمل في خباياها وطياتها الكثير من السلبيات والعيوب التي تصيب الشخص المسوف الذي يعيش بداخلها، ما لم يحاول أن ينقذ نفسه من براثنها، لذا سنعرض تاليًا بعض أسباب التسويف التي تساعدك في تجنب الوقوع في فخه، منها: 

صعوبة تنفيذ العمل 

قد يكون السبب الأساسي في المماطلة هو وجود مهمةً ما تحتاج منك إلى التركيز أو تحتاج إلى مدة زمنية طويلة نوعًا، أو يمكن أن تكون معقدة وغير مرحب بها لديك، وفي أحيانٍ أخرى قد تتطلب منك هذه المهمة مجهود بدني؛ إذ توجب عليك ممارسة الرياضة على سبيل المثال، أو قد يتطلب منك الأمر المال مثل دفع اشتراك الجيم، فترى حينها أن التخاذل عن القيام بهذه المهمة والجلوس على أريكتك هو الحل الأفضل، حيث يمكنك تصفح الإنترنت دون بذل جهد ذهني أو بدني أو حتى إنفاق المال. 

الشعور بالارتباك

من أسباب التسويف المهمة عند قدومك على فعل أمر ما لأول مرة قد تصاب بالتوتر والارتباك، بسبب عدم قدرتك على معرفة نقطة البداية بسبب افتقارك للمهارة والمعلومات اللازمة، أو بسبب عدم توقع النتائج المحتملة جراء تنفيذ المهمة، مما يدفعك ذلك إلى التقهقر عن القيام بهذه المهمة والنظر إليها بأنه أمر معقد يصعب فعله. 

عدم توفر حد زمني معين

إذا قمت بالاطلاع على كيفية ترتيب أولويات العمل، ستجد أن من أهم هذه الأولويات هو وضع حد زمني محدد لإنجاز مهمةً ما، لأنه لطالما تركت الحبل على الغارب، ستجد أن مماطلتك لتنفيذ العمل لا تنتهي بسبب عدم وجود رقيب عليك، لذا يتوجب عليك أن تحدد لكل مهمة أنت على مشارفها توقيت معين يجب أن لا تتخطاها ويجب أن تلتزم به قدر المستطاع. 

الخوف من الوقوع الفشل

من أسباب التسويف التي يقع فيها البعض هو الخوف من النتائج المترتبة على عملٍ ما، والفزع الشديد من مرارة الفشل وعواقبه والخوف من أن يكون عبرة لمن يعتبر، حيث يفضل الفرد حينها ألا يقوم بهذا العمل مخافة الفشل في مقابل التضحية باحتمالية النجاح المتوقعة، ولكن يعد هذا التفكير تفكير عقيم، لأن الحياة ما هي إلا تجارب، لذا عليك أن تخوض كل تجربة بنفسك كي تتعلم. 

عدم وجود الأهداف (ضعف الحافز) 

من منا لا يمتلك في مخيلته هدفًا ما يطمح للوصول له في يومٍ ما، لأن ذلك ما نعيش لأجله، ولكن في بعض الأحيان قد نضل الطريق ويضعف الحافز الذي يدفعنا للعمل وتتوارى الأهداف مما يؤدي ذلك إلى تشتت الانتباه وقلة الإنتاجية، وهذا هو أول الطريق للتسويف، لذا احرص أن يكون لديك رقيب أو صحبة تدفعك دائمًا في حال ضعفت أهدافك. 

سلبيات التسويف

قد يشعر المسوِّف على المدى القريب من تقاعسه بالأريحية والمتعة نتيجة للتخلص من الأعمال الشاقة التي تتطلب إلى الوقت والمجهود على الرغم من أهميتها، والتفاته إلى الأعمال المريحة بالنسبة له، لكن سرعان ما ينقلب الأمر إلى ما لا يحمد عقباه؛ نتيجة تراكم المهام وتكدسها مما ينتج عنه تأثيرات سلبية تتمثل في التالي:

الشعور بعدم الاتزان 

بعد تمادي الشخص المسوف في المماطلة، يجد أن حياته لم تعد بالاتزان الذي عهده من قبل، وليس هذا وحسب بل يصبح مشتت الانتباه دومًا، بجانب الشعور بالضغط المتولد من الكسل وتراكم المهام، وقد يصاب في بعض الأحيان بالضعف النفسي إن لم ينتفض ويتوقف عن المماطلة. 

ضعف العلاقات مع من حوله

نتيجة للضغط والتشتت الذي يتعرض له الشخص المسوف تصبح علاقاته أكثر ضعفًا سواء على الصعيد المهني مع زملاء العمل؛ بسبب تأجيل المهام وتضييع وقت العمل مما يخلق الصعوبات في سير العمل، أو على الصعيد الشخصي مع الأقارب والأصدقاء بسبب عدم الالتزام بالواجبات الموكلة له، أو عدم الاهتمام بالمواعيد. 

قلة الإنتاجية 

بسبب عدم وضع أهداف كبيرة أو طويلة الأمد يهدف إلى الوصول إليها، لأن الشخص المسوف يفضل دائمًا أن يبتعد عن إنجاز المهام خوفًا من الفشل أو لعدم قدرته للبدء فيها، كما يرى أن راحته في القيام بالأعمال المسلية، مما يؤدي إلى قلة إنتاجية هذا الشخص بشكل ملحوظ مقارنةً بغيره. 

علاج التسويف

كثيرًا لا تسير الرياح كما تشتهي السفن، فمن الممكن أن يصيبنا بعض التراخي الذي يترتب عليه الدخول في دوامة التسويف، فلا حرج في ذلك ولكن يفضل إن تدرك خطأك سريعًا، وتعقد النية أن تتخلى عما أصابك، لذا أتينا لك بعلاج التسويف بشكل بسيط:

رتب أولوياتك 

يجب في هذه اللحظة أن تدير الحديث مع نفسك قليلًا، كي تفهم جيدًا أن سلوك التسويف الذي تتبعه الآن لا ينتهي إلا بالندامة والخيبة، ويجب أن تعلم أنك ليست بحاجة إلى التمهل أكثر من ذلك ويتحتم عليك تحريك عجلة التغيير بيدك الآن ولا تنتظر المساعدة والإنقاذ من أحد فكلًا مشغول بواجباته ومهامه، فترتيب الأولويات المهمة سيساعدك في عدم الالتفات إلى الأمور المسلية التي عشقت القيام بها، والتي ستفقدك تركيزك إن اهتممت بها. 

حدد لكل مهمة إطارها الزمني

قم بإعداد جدول زمني به المهام ذات الأولوية التي من المفترض أن تقوم بها على مدار يومك، حدد لكل مهمة وقت البدء ووقت الانتهاء منها لأن ذلك سوف يلزمك بتوقيت زمني معين، مما يساعدك على زيادة التركيز وتعزيز عزيمتك على الانتهاء، لا تنسى أن يتضمن جدولك مكافأة تعشقها بعد الانتهاء من كل مهمة، سيحفزك هذا على إتمام المهمة ومن ثم الترفية للاستعداد لما يليها، ثق أنه باتباعك لهذا التقويم الذي أعددته سيكون تخلصك من التسويف أسرع وأسهل. 

اتبع الأنظمة الصحيحة للتخلص من التسويف

لإنجاز المهام يجب عليك أولًا بأول دون أن تكاسل وتراخٍ مرة أخرى، أنت بحاجة إلى اتباع بعض الخطوات التي ستسهل عليك الأمر وهي:

قسم المهام

إن كنت مقبل على مهمة تراها كبيرة، يجب عليك ألا تفكر في مدى صعوبتها أو كبر حجمها حتى لا يثبط ذلك من عزيمتك، يمكنك بكل سهولة أن تقسمها إلى وحدات أصغر فأصغر، ثم تنتهي من كل واحدة على حدى، فذلك يحسن من نفسيتك بالتأكيد ويمنحك شعورًا بالإنجاز، لذا من الآن فصاعدًا لا تجعل حجم المهمة عائقًا أمامك، ومن الجدير بالذكر أنه مع الوقت سحضرك الإلهام والعزيمة على تنفيذ المهام الصعبة أو الطويلة دون الحاجة إلى تقسيمها إلى وحدات. 

دع المثالية

دع المثالية والكمال جانبًا، لأنه من الطبيعي أن تخفق في بعض المرات، لا تنظر إلى الأمر على أنه فشل بل انظر لما توصلت إليه كحافز لتبدع في المهام القادمة وتقدم الأفضل، ويجب أن تفهم جيدًا أن المناخ الجيد سيساعدك وبكل تأكيد في تنفيذ المهام كما يجب أن يكون. 

ركز وابتعد عما يشتتك

قم بتطهير كافة المشتتات التي يمكن أن تشغل تركيزك، وتحد من أدائك أثناء العمل، ويكون ذلك من خلال ترك هاتفك جانبًا، وعدم التحقق من الرسائل الواردة بين فترات متقاربة لأن هذا سوف يشتت انتباهك بكل تأكيد، لذا إذا كان لديك مساعد اطلب منه ألا يطلعك على أي مستجدات خلال عملك إلا عند الضرورة فقط، وإن اضطررت إلى استخدام حاسوبك أو هاتفك أحسن النية باستخدامه في نطاق العمل فقط لا غير. 

أعط نفسك مكافأة عند إنجاز العمل 

لا مانع أن تمنح نفسك مكافأة تحقيق هدف ما، أو عند إنجاز مهمة صعبة، لأن ذلك يقوي عزيمتك ويعزز ثقتك بقدراتك أكثر، فبعد الانتهاء من خطوة معينة يمكن أن تحتسي المشروب المفضل لديك، أو تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو يمكنك شراء ثوب ترغب به بشدة، فأنت تستحق ذلك ما دُمت لا تدع نفسك للتراخي والتخاذل. 

اخدع عقلك وصف نفسك بطيب السمات 

يرى علماء علم النفس أن خداع عقلك بأنك شخص قادر على تنفيذ المهام في وقت قياسي، كما أنك شخص ذكي وبارع للغاية قد يفيدك في تصديق الأمر مما يزيد من عزيمتك ومن حجم الإنتاجية الخاص بك، لكن يرى البعض أن الأمر قد ينقلب للأسوء في المهام طويلة المدى لأن هذا سوف يعطي فرصة التحليق في أفق التسويف والتراخي نظرًا لطول المدة، وتشبع عقله بإمكانياته الوهمية على تنفيذ المهام ببراعة. 

علاج التسويف في  الدراسة والمذاكرة

الطلاب عادةً ما يتعرضون إلى التسويف الأكاديمي، نظرًا لصعوبة الدراسة وعدم القدرة على إدارة الوقت بشكل صحيح، فإذا كنت تمارس التسويف في دراستك كل ما عليك فعله هي الخطوات التالية:

  • صمم جدول للمواد الدراسية الخاصة بك موضحًا به عدد الساعات الخاصة بكل مادة، ومن المهم أن تلتزم بما يحويه الجدول. 
  • اعتمد مبدأ الأهمية عند المذاكرة مثال على ذلك إذا كان لديك امتحان بالغد، بالطبع ستكون الأولوية لمادة الامتحان. 
  • عند إقدامك على المذاكرة حاول أن تبتعد قدر المستطاع عن عوامل التشتت مثل التلفاز والهاتف وأفراد الأسرة وغيرهم. 

خصال الشخص المسوف

يعد التسويف داء يمكن أن نصاب به جميعًا إلا من رحم ربي ويختلف صورته من شخص لآخر، كما أنه يتوفر بدرجات متفاوتة، ويمكن سرد خصال المسوفين في التالي:

  • التناقض بين القول والأفعال، حيث يعزم المسوف الأمر على القيام بشيء ما لكنه يتراخى ولا يقوم بتنفيذ قراراته. 
  • يعاني الشخص المسوف نفسيًا بشكل واضح نتيجة التوتر والضغط المستمر الواقع تحته، وعلى الرغم من علمه سبب معاناته إلا أنه يماطل. 
  • امتلاك موهبة ومهارة خلق الأعذار للرد على عدم تنفيذ المهام بهدف الهروب من تأنيب الضمير أو العقاب. 
  • المسوف سريع الغضب، ما يترتب عليه اتخاذ قرارات كبيرة تحول بعدم تنفيذها. 
  • قد يمتلك الشخص المماطل قدر من الذكاء والمهارة التي تساعده في إنجاز المهام، مما يمنحه الشعور بالطمأنينة حيال تأجيل مهام أخرى. 
  • في بعض الأحيان قد يتسم المسوف بالعناد الذي يدفعه إلى تكرار الخطأ أكثر من مرة على الرغم من التجربة السابقة إلى أن تنشأ أزمة تدفعهم إلى بدء المهمة من البداية مرة أخرى. 

في الختام نرى أننا قد نجحنا في تقديم أسباب التسويف وعلاجه بطريقة سلسة يسهل فهمها، لذا كل ما عليك فعله الآن هو اتباع خطوات العلاج السابق ذكرها كي تتخلص من التسويف الذي ينغص حياتك، ويعيق دربك نحو النجاح والمجد الذي تحلم به .

قد يعجبك ايضا