روايات عن تطوير الذات
روايات تطوير الذات هي قصص محفزة لنستمد منها أروع نماذج لتحدي الصعاب وتغيير سلبيات ذاتنا لنصبو نحو تحقيق أحلام اعتقدناها من المستحيل، فكلٌ منا يحلم بأن يكون يومًا على قدر ما توقع لذاته، لتأتي أنماط تفكيرنا وسمات الشخصيات التي نعيشها مع الكثير من التحديات المحيطة لتجعل منا دُمى غير نافعة تدور في دائرة المجتمع المغلقة، ولكن كلٌ منا يستطيع رغم هذه الصعاب أن يطور من ذاته ويستمد من نجاحات الآخرين نورًا لطريقة، فهيا بنا نسرد بعض هذه الروايات لنعيش بطولتها ونقتدي بأبطالها ونطور من ذاتنا نحو الأفضل مع مجموعة من روايات عن تطوير الذات وبناء النفس والثقة بها.
أهمية التعرف على روايات تطوير الذات
قد يتساءل البعض لماذا علينا أن نطور من ذاتنا إذا كانت الظروف المحيطة مواتية، أو على الأقل تحقق لنا الحد الأدنى من العيش الكريم، ولكن لا يعلم أنه قد يجد نفسه مقيدًا داخل دائرة المألوف فيبدأ في الملل ولوم النفس والبحث عن خيارات أخرى ولكن دون جدوى، لأنه غير مؤهل لذلك! هنا تأتي أهمية تطوير الذات وتنمية القدرات وتطوير الثقة بالنفس، فكما يقول ستيفن كوفي تطوير الذات للإنسان يشبه الوقود لتشغيل السيارة حتى يستمر ويصل إلى وجهته.
وبالتالي عليك دومًا عزيزي القارئ الباحث عن بصيص من نور لتبدأ طريقك في تطوير ذاتك أن تستلهم من روايات تنمية الذات للآخرين كيف بدأوا وكيف تحدوا الصعاب وكم عانوا، ليحققوا ذاتهم وأحلامهم، فبدون تحقيق الذات لن تستطيع حتمًا أن تحقق أحلامك ولا تبني مستقبلك كما تريد.
أفضل روايات تنمية الذات
عند البحث عن روايات عن تطوير الذات سواء لأشخاص مشهورة أو أناس عاديين بيننا لكنهم مشاهير وأبطال أمام أنفسهم بدأنا في رصد بطل كل رواية، لنسلط لك الضوء على التحديات التي واجهها والخطوات التي قام بها والنتائج التي جعلته اليوم بطلًا لروايات التنمية البشرية وتنمية النفس، ومن أشهر هذه الروايات:
رواية فان كلويفرت (المزارع الهولندي)
تعتبر رواية المزارع الهولندي واحدة من أكثر روايات تطوير الذات انتشارًا في دورات وكتب التنمية البشرية، فهي قصة لمزارع بسيط عاش حياة صعبة في بلده فقرر في يوم أن يبيع كل ما يملك في قريته في هولندا ويهاجر إلى بلاد أخرى للبحث عن حياة أفضل ولكن بسبب صغر سنة وجهله قرر السفر إلى أقصى جنوب أفريقيا.
ساقه سوء حظه إلى أكثر البلاد الفقيرة في ذلك الوقت حيث أرض جدباء لا تحتاج إلى مجرد مهارات لتصبح أرض خصبة، فهي لا تصلح بالمرة، فاشترى قطعة أرض بكل ما يملك من أموال ولكنه بدأ يكتشف التحدي الذي ليس له حل، فهي أرض جدباء مليئة بالصخور وفي الوقت نفسه مليئة بأنواع غريبة من الأفاعي والعقارب ولا يمكن أن يجازف أي شخص بحياته ويزرع بهذه الأرض، تخيل معي ماذا سيفعل هذا الفلاح المسكين!!.
هل قرر التخلي عن حلمه بأن يصبح شخص ثري ويطور من نفسه؟ لا لم يتخلى عن حلمه بل طور من ذاته ليستخدم الموجود أمامه من معطيات، فقرر أن يستغل هذه الأرض المليئة بالعقارب وأنواع من الأفاعي إلى مكان مخصص لإنتاج لقاحات سموم الأفاعي أو ما يعرف بمضادات السموم الطبيعية.
بطل الرواية هو شخص عادي بكل ظروفه وتحدياته، لكنه لم يتخذ القرار الأسهل والمألوف، بل فكر بأفضل وأقوى طرق تطوير الذات التي تدرس لنا، وهي تطوير ذاتنا وعقولنا ومهاراتنا لتناسب المعطيات أمامنا وتغيرها لا لتتكيف معها، وكانت النتيجة أن بطل روايتنا اليوم صاحب أكبر مزرعة لإنتاج لقاحات السموم في العالم ليحقق ثروة طائلة وشهرة غير زائفة بل بطولية، واستطاع أن يحول سوء الحظ إلى الحظ الأوفر.
رواية المرأة الأرملة
الآن إحدى روايات تطوير الذات وبطلتها سيدة شاءت الأقدار أن يموت عنها زوجها تاركًا لها أربعة من الأطفال، ولم يكن لها أي شخص معين أو يساعدها في تربية أبنائها إلا الله، وفي ليلة من ليالي الشتاء الباردة اشتدت الرياح وهبت العواصف والأمطار، وهي وحيدة في بيت سقفه من الخشب المتهالك، فظلت مستيقظة طوال الليل خوفًا على أبنائها من هجوم هذه الرياح الشديدة.
وأثناء الليل بينما هي مستيقظة كانت تكتب بعض الكلمات في ورقة صغيرة فقامت بوضعها في إحدى الشقوق المتصدعة من بيتها، ثم عادت لأبنائها، لكن يشاء الله أن يراها أحد أبنائها، لتمر السنون والأيام وتستطيع بتوفيق من الله أن تربي أبنائها لتجعل منهم أطباء ومثقفين ومعلمين، وتبدلت أحوالهم وأصبحوا أكثر استقرارًا فتركوا هذا البيت الصغير إلى بيت أكبر في المدينة، ثم تموت الأم.
وبعد عدة أيام تذكر الابن ما رآه من أمه في تلك الليلة وتذكر تلك الورقة، فأخبر إخوته فهرولوا مسرعين إلى بيتهم القديم، وقام بإخراج هذه الورقة، وبمجرد أن جذبها من مكانها بدأ البيت في التصدع فأسرعوا إلى الخارج خوفًا من سقوط البيت، والذي تهدم بمجرد خروجهم، فازدادت حيرة الأبناء عن هذه الورقة ليفتحوها ويجدوا بها عبارة هزت قلوبهم قبل عقولهم وهي” اصمد بإذن ربك”.
يا لها من جملة قوية تعبر عن ثقة هذه السيدة الأرملة في ربها، وأنه سيغير القدر؛ ليس الصراخ أو الخروج للخارج خوفًا من سقوط المنزل، فالثقة بالله هي ركن أساسي من أركان تنمية الذات، وهي عامل مشترك في جميع قصص تطوير الذات، فهؤلاء الأبطال لولا ثقتهم بربهم أولًا وبأنفسهم ثانيًا ما صمدوا ولا حاولوا أكثر من مرة، ولا استعادوا قواهم بعد كل مرة من الفشل.
قد يعجبك أيضًا : أفضل كتب التنمية البشرية وبناء الذات يمكنك الوثوق بها
رواية الخيميائي The Alchemist
واحدة من أشهر روايات الكاتب البرازيلي باولو كويليو وكعادة الكاتب البرازيلي في كتاباته التي تتميز بأسلوب التشويق والإثارة، فها هي روايته الثانية تضمن لك تجربة قراءة فريدة من نوعها، فهي منذ الفصل الأول تقدم لك في كل كلمة وجملة معلومة وفائدة تثري عقلك، وهو ما جعلنا نقدمها لك كواحدة من أروع قصص تطوير الذات.
تدور الرواية حول بطلها راعي الأغنام الإسباني سانتياجو، وكيف ضحى بالكثير من أجل فقط أن يرضي ذاته ويطور من نفسه ويحقق ما يدور بداخله، فعلى الرغم من أنه لم يكن يحلم يومًا بأن يكون راعي للأغنام؛ إلا أنه تنازل وعمل بهذا المجال من أجل فقط أن يحقق حلمه الأكبر وهو الوصول إلى منطقة الأهرامات للحصول على كنز فريد بها، وتبدأ أروع روايات تطوير الذات.
وبالفعل سار سانتياغو نحو حلمه، وسافر من إسبانيا إلى المغرب عن طريق مضيق جبل طارق، فالتقى بأحد الملوك هناك ويدعى ملكي صادق، فأخبره عن تفاصيل هذا الكنز وكيف يمكن الوصول إليه، وختم الملك كلامه بعبارة ظلت خالدة في ذهن سانتياجو وهي “إذا أردت شيئًا، فإن العالم كله سيطاوعك لتحقيق رغبتك”.
وصل سانتياجو إلى مصر عن طريق رحلة مليئة بالمفاجآت والأحداث في الصحراء الغربية وكان يسير وراء حدسه ومخيلته طوال الطريق، وتحدى الصعاب وكافة العراقيل التي واجهته في رحلته ليصل أخيرًا إلى مصر بلد الأحلام التي لطالما حلم بالوصول إليها، يواجه بطل الرواية الكثير من العراقيل التي تحول دون وصوله إلى الكنز، لكنه في كل مرة لا ييأس ويفكر ويحاول ويطور من مهاراته ليصل رغمًا عنها.
المغزى من الرواية ليست لتحكي لنا بطولة سانتياجو، كلًا منا يمكن أن يكون سانتياجو إذا قرر أن يصل رغم الصعاب، ففي ذلك الوقت سيجبر العالم كله أن يكون معه لا عليه، وبالتالي كنزك الحقيقي هو اكتشاف نفسك وإمكانياتك وما تستطيع فعله، فالأحلام هي الكنوز الظاهرة لنا، ولكن تطوير ذواتنا هي الكنز الكامن والحقيقي والأهم.
رواية ألف شمس مشرقة A Thousand Splendid Suns
واحدة من روائع الكاتب والأديب الأفغاني خالد حسيني، وهي واحدة من روايات تطوير الذات التي يجب عليك قراءتها لتعيش مع نفسك ألف حكاية وحكاية من حكاية بطلتا الرواية، وعلى الرغم من أن عنوان الرواية استمده الكاتب من ديوان شعر شهير يرجع إلى القرن السابع عشر بنفس الاسم للشاعر الفارسي التبريزي.
تدور الرواية حول البطلة الأولى مريم تلك الفتاة صاحبة الخمسة عشر عامًا التي عاشت حياة بائسة بين والدها الذي لم يعترف بها كإبنة شرعيه له، ووالدتها التي تألمت من وضعها ووضع ابنتها فقررت إنهاء حياتها، وهنا تعيش مريم حياة صعبة مع والدها الذي يقوم بإرسالها إلى كابول لتتزوج من صانع أحذية اسمه رشيد.
لم تتوقف الصعاب عن مواجهة مريم لتجد زوجًا عنيفًا غير آدميًا، ولكن يسوق إليها القدر فتاة يتيمة مات والديها من قصف على كابول، وهي “ليلى” لتنشأ علاقة صداقة قوية بين مريم وليلى، لتقاسيا الأمرين من معاملة رشيد لهما ومن الأوضاع السيئة في بلدتهما حيث الفقر والمجاعة والجفاف، لتنتهي الرواية بقتل مريم لزوجها بسبب سوء معاملته لهما.
وبعد أن يسقط الحكم في طالبان في المدينة، تسافر مريم وليلى إلى قريتهما القديمة لتجد مريم والدها قد توفي تاركًا لها مبلغ من المال وخطاب يعبر عن أسفه لها، وتبدأ كلٌ منهما في تحقيق أحلامهما رغمًا عن الصعاب التي واجهوها سويًا.
تسرد لنا الرواية خطوط قصة كفاح طويلة عاشتها فتاتان في سن الشباب، ولكنهما لم يفقد شغفهما يومًا وقررا أن يحققا أحلامهما مهما كانت النتائج والتحديات، فالأهم أنه مع إشراق شمس كل يوم تتجدد فينا طاقة اللايأس، ونجاهد لنصل إلى اللانهاية، ومع شمس كل صباح يتجدد الأمل بنا حتى لو فشلنا مرارًا وتكرارًا.
رواية عازف الكمان الفرنسي
تعد رواية عازف الكمان واحدة من الروايات التي جاءت في كتب تنمية الذات، حيث يتم تصنيفها بأنها من أفضل روايات تطوير الذات حيث تحكي قصة قصيرة مختصرة في بضع سطور، بطلها عازف كمان فرنسي تحققت أولى أحلامه ليعزف أمام لجنة من الحكام للتأهل إلى النجومية وتحقيق شهرة في مجاله.
تفاجأ العازف بلجنة من سبعة من أشهر الموسيقيين في فرنسا، وبدأ في العزف ليتفاجأ بانقطاع وتر من كمانه، لم يتوقف بل استمر لتتواصل المفاجآت وتتقطع أوتار كمانه واحد تلو الآخر، حتى تبقى وتر واحد لكن دون توتر منه أو يأس أو توقف بل استمر في العزف حتى انتهى من عزف مقطوعته الموسيقية.
توقع الجميع أن يخرج العازف دون أي تقييم من أمام اللجنة، ولكن العجيب هو أن حكام اللجة قيموه بأعلى درجات التقييم ليحصل على المركز الأول، هنا لم يكن النجاح انبهار الحكام بعزفه، بل بإصراره وقوته وتحديه للصعاب، فأي شخص آخر في موقفه كان ليعتذر ويخرج، لكنه بحث عن الجزء الأهم في ذاته وهو الثقة والإصرار والشجاعة لأنه قرر الاستمرار للنهاية.
أبرع قصص تطوير الذات
حينما نبحث عن المرشد قد تجده في شخص ملهم لك، في معلم أو أستاذ أو طبيب أو أديب أو بائع بقالة أو عالم أو مزارع مغمور، ليست الأهمية للشهرة بل للتحدي وكيفية الوصول في النهاية، فكم من أطباء وعلماء وباحثين وجدوا البيئة المناسبة فتماشوا مع الظروف التي قادتهم لتحقيق هذه الشهرة والمكانة، وهنا العبرة تكون أين أنت في هذه القصة؟ أين ذاتك؟ وماذا اكتشفت من نفسك؟ وكيف وصلت؟ ومن أين هذه الثقة في كل خطواتك؟.
لذا يمكننا الحصول على روايات عن تطوير الذات من الواقع، وليس من مخيلات الكتاب ومتخصصي التنمية البشرية، وهذه القصص لأشخاص كثر، أثروا فينا وتأثرنا بهم، ومن هذه القصص:
قصة توماس أديسون Tomas Adison
توماس أديسون هو شخصية حازت على كل المقومات التي جعلته شخصًا فريدًا من نوعه، فهو ممن أثروا في حياتنا حتى اليوم ولجميع الأجيال فيما بعد، إنه شخص حارب نفسه وطور ذاته قبل أن يخرج ليكافح في عالمه الخارجي، وحول كل الصعاب إلى درجات في سلم التاريخ والمجد.
ولد أديسون في سنة 1847م، وعاش وسط أسرته المكونة من سبعة إخوة وأمه المعلمة بإحدى المدارس التي كانت بطلة روايته وصنعت معه مجده، لم يكمل أديسون تعليمه بسبب مستواه المتردي وعدم استيعابه للمناهج بالإضافة إلى أنه كان يعاني من ضعف في السمع، ولكن في الوقت الذي لم يجد مصدرًا للتعلم مثل أقرانه في المدرسة، وجد قلب وعقل أمه الذي قبله بكل عيوبه.
بدأت والدة أديسون في تعليمه القراءة والكتابة، وحببت له قراءة الكتب والعلوم المختلفة حيث استطاع أن يكون ناقدًا لنيوتين وشكسبير وهو ابن 11 عامًا، أصبح أديسون مغرمًا بالتجارب العلمية حتى أنه استغل وظيفته في السكة الحديد ليجري بعض تجاربه في إحدى عربات القطارات، ثم انتقل للعمل كموظف لإرسال واستقبال رسائل التلغراف.
اخترع أديسون اختراعه الأول في سنة 1869م وهو طابعة لصك العملات الورقية، لينشئ بعدها مختبر صغير لإجراء تجاربه ثم ابتكر التلغراف الرباعي وغيرها من الاختراعات حتى وصلت عدد اختراعاته لألف اختراع، منها الفونغراف وهاتف زر الكربون آلة التصوير السينمائي وبطارية التخزين القلوية، وكان ابتكاره لتقنيات المصباح الكهربائي بعد ألف محاولة فاشلة هي النقلة التي جعلت من توماس أديسون علامة مميزة لا تنسى في تاريخ البشرية.
انتقل أديسون من أكثر من وظيفة ومكان، وقبل بالعمل بوظائف لم تمس لأحلامه بصلة ولكنه اعتبرها هي الخطوات التي تقربه من حلمه، ولم ييأس في كل مرة فشل بها، بل كان يستمد منها قوته، وهنا تتجلى عبارته الخالدة “ليس معنى أن شيئًا لم يعمل ما تريده منه بأنه بدون فائدة” وعبارته التي تدرس كقاعدة ذهبية لتطوير الذات وهي “أنا لم أفشل، أنا بكل بساطة وجدت ألف طريقة لا تعمل”.
إقرأ أيضًا : أفضل كتب تطوير الذات (6 كتب ستغير حياتك للأفضل)
ستيف جوبز Steve Jobs
ستيف جوبز هو قصة نجاح نعاصرها الآن وواحدة من أهم روايات تطوير الذات، ويجب علينا أن نستمد منه طاقة لاستكمال تحدياتنا، ومواجهة صعابها، فهو خير مثال للشخص الذي حلم بأن يكون صاحب أقوى امبراطورية في العالم ولكن واجهته الحياة بعراقيلها التي لا تنضب، حتى عمل على تحديها ليصبح صاحب أقوى مؤسسة تكنولوجية في العالم وهي شركة أبل.
ولد جوبز وسط أبوين منفصلين وعرضاه للتبني ليتبناه بول جويز، وحاول كثيرًا أن يحقق بعض أحلامه لكنه لم يكن يجد ما يساعده، فقرر أن يعمل في مرآب والد صديقه بالمدرسة الثانوية، ليصمم أول شريحة إلكترونية وهو في مرحلة ما قبل الجامعة، لم يستطع جوبز استكمال تعليمه الجامعي بسبب عدم قدرته على التكفل بمصروفاته الجامعية، ليبحث عن عمل في مجاله المفضل فاستطاع أن يعمل كمصمم للألعاب.
بدأ جوبز مشروعه من مرأب بيته حيث أسس أول مقر لشركة أبل وابتكر أول كمبيوتر شخصي محمول في سنة 1980، وبدأ في تطوير أنظمة وبرامج التشغيل للكمبيوتر والهواتف، وصمم أول نظام تشغيل فائق السرعة وهو نظام ماكنتوش، عانت شركة أبل من الهبوط في السوق، واضطر جوبز لضم شركة نكست لشركته مرة أخرى، وقاد جوبز الشركة لابتكار العشرات من الوسائل الاتصالية الحديثة منها اختراعه لأول أيبود والأيفون والأيباد.
نتعلم من كفاح جوبز أنه لم يولد بمقدرات تساعده على النجاح، ولكن هو من أوجد هذه المقدرات، حاول وبالمؤكد فشل كثير، لكنه لم يتوقف عن المحاولة حتى حقق حلمه ليصبح ستيف جوبز مؤسس أسطورة أبل فائقة التكنولوجيا بطلًا خارقًا بقدراته وإيمانه بذاته.
صابر باتيا Saber Batia
صابر باتيا شاب هندي ولد في دولة نامية من الصعب فيها الحصول على فرصة، وهو ما جعله يحلم بالسفر إلى أوربا أو أمريكا لدراسة الهندسة، وبالفعل اجتهد حتى حصل على منحة لدراسة الهندسة الكهربائية في الولايات المتحدة، وبعد تخرجه حصل على فرصة لم يحصل عليها الآلاف مثله وهي العمل في شركة أبل المعروفة.
لم يستمر باتيا طويلًا في أبل لأنه يعلم جيدًا أن حلمه لم يتوقف عند العمل بها، بل حلمه بأن يكون صاحب إنجاز مثل ستيف جوبز، حتى قرر عمل مشروعه الخاص مع شريكه جاك سميز وهو تأسيس أكبر قاعدة بيانات على الإنترنت والتي فشل كثيرًا في أن يجد تمويل لها، حتى حصل على تمويل من شركة فيشرن وبالفعل حقق صابر باتيا حلمه بأن يكون صاحب شركة هوت ميل العالمية Hotmail.com.
لم يتوقف نجاح باتيا على ذلك بل أصبح بشركته شريك في إمبراطورية مايكروسفت العالمية بقيمة شراكة 400 مليون دولار، ليصبح الشاب الهندي البسيط صابر باتيا واحد من أكبر مطوري المواقع الالكترونية حول العالم، حيث وضع حلمه نصب عينيه، وسخر قدراته لذلك، ولم يتوقف عند الفشل بل أصر على الوصول.
كيفية الاستفادة من روايات تطوير الذات
روايات تنمية الذات ليست فقط لمعرفة تاريخ وبطولات أصحابها، أو للاستمتاع بالقراءة، فهي ليست روايات أدبية، بل هي لإنارة أجزاء مظلمة بداخلنا تبحث عن بداية الطريق نحو الوصول إلى أحلامنا التي نسعى لها بكل الطرق، وقد نواجه الفشل أكثر من مرة حتى نيأس من المحاولة.
لذا العبرة من قراءتنا لروايات عن تطوير الذات وبناء الثقة هي لمعرفة كيف نبدأ حتى مع سد الطرق المؤدية بنا إلى ما نبغى، الفشل ليس جريمة أو تهمة تلصق بنا، لكن الجرم في حق أنفسنا هو أن نيأس أو نستسلم للواقع المرير بكل فجواته وعقباته، والأهم من قراءتنا لهذه الروايات أن نتعايش مع أنفسنا كأبطال لها لنستمد طاقة بديلة لما نفذ مننا أثناء مرات المحاولة السابقة.
قصص مبدعة من روايات تطوير الذات
كان من الطبيعي أن يتم الاستفادة من تلك الروايات الرائعة الخاصة بتنمية الذات في أعمال إبداعية وقصص تمت إعادة صياغتها على يد أشهر الكتاب والروائيين ومنها:
رواية Finding Your Own North Star
واحدة من أقوى روايات الكاتبة الشهيرة مارثا بيك Martha Beck حيث استلهمت الكاتبة من عدد من التجارب الواقعية لها وللمحيطين بها عدد من الدروس الهامة التي تمثل خطوات تدريبية للذات على تحدي صعوبات الحياة وعلى المساعدة الذاتية لأنفسنا دون الحاجة للأخرين.
تستلهم الكاتبة روايتها من نجم الشمال الذي يعد المرشد الأول للكثير من المستكشفين والرحالة حينما يفقدون وجهاتهم وحينما لا يتبقى أي مساعدة سوى ذلك النجم الذي لا يختفي أبدًا ولا يتوانى عن مساعدتهم، فهو بمثابة النفس التي دائمًا نجدها في المكان الصحيح حينما نفقد وجهاتنا، ولكن ليس للجميع أن يستدل على وجهته من نجم الشمال، وهكذا ذواتنا لا تحقق للجميع ما يحتاجه إلا إذا تدرب وتعلم كيف يستكشف مكنوناتها.
لذا تشير مارثا في روايتها إلى أن جميع مكنونات النفس السوية والسعادة والحياة المثالية ثابتة بأنفسنا كما نجم الشمال ثابت في مكانه لا يتحرك، وهي نقطة التحدي للكاتبة التي تشجع كل شخص أن يبحث عن نجم الشمال بداخله ليبدأ في معرفة وجهته ويسير نحو تحقيق ذاته وحلمه دون توقف.
نجم الشمال بداخلك موجود ولكن الأهم بحسب مارثا هو معرفة كيفية قراءة البوصلات الداخلية لديك، وكيفية الشجاعة والتعبير عن رغباتك الداخلية ومواجهة نفسك بنفسك، مع تحديد المشكلات والمعتقدات اللاواعية بداخلك وتصحيحها لأنها يمكن أن تعيق تقدمك وتطويرك لذاتك، عليك أيضًا بأن تغذي حدسك وتطور أحلامك التي يمكن أن تبدأ بمجرد وميض لفكرة تلمع ثم تخفت في عقلك، لذا استلهم من رواية نجم الشمال لمارثا ما ينمي قدراتك وأحلامك ويطور ذاتك بعيدًا عن دواعي وعراقيل اليأس والإحباط حولك وبداخلك.
رواية Year of Yes
لا يمكن للكثيرين التحليق بذواتهم وأحلامهم بعيدًا دون أن يكونوا قرأوا رواية أو شاهدوا فيلمًا أو برنامجًا للكاتبة الأمريكية الشهيرة Shonda Rhimes، فبحسب تقييمات مشاهير هوليود فهي أقوى امرأة في هوليود، فهي مبدعة البرنامج الأقوى Grey’s Anatomy، كما أنها مؤلفة عدد كبير من الأفلام ذات القصص الدرامية المحبوكة والتي تقودك في نهايتها إلى مغزى يغير حياتك ويجعلك تبحث في مكنونات نفسك دومًا.
في هذه الرواية تشير شوندا إلى أنها دائمًا ما اعترضت على نفسها وذاتها حتى قررت أن تقول أخيرًا Yes، كما أنها كانت مع شهرتها الكبيرة شخصية ممانعة رافضة دائمًا ما تقول لا، سواء للمشاركة في حفلة تلفزيونية أو برنامج، فهي تحب العزلة والانطواء، وتحب التواجد بين الجدران الصامتة.
على الرغم من اسمها المرتبط بالنجومية والشهرة والممثلين إلا أنها كانت تعاني من فوبيا الإعلام والظهور أمام الناس في مناسبات اجتماعية أو حفلات، حتى كانت كلمات أختها الصغرى في عيد الشكر 2013 بمثابة صفعة قوية للكاتبة الشهيرة فقالت لها نصًا “أنت لا تقولين نعم لأي شيء أبدًا” لتتغير حياة شوندا بعدها وتقرر أن تغير من نفسها أولًا.
تشير شوندا في كتابها إلى أن خوفك وخجلك من الآخرين ومن الظهور والتعبير عما يدور بداخلك يميت كل يوم جزءًا بداخلك حتى تصبح جسدًا بلا روح، الخوف هو بداية الفشل، حتى لو كنت في قمة شهرتك فيكفي فشلك أمام نفسك لتمحي كل آثار ومظاهر النجاح في حياتك. لذا عليك أن تأخذ القرار الآن توقف عن الخوف والانطوائية والعزلة، واجه نفسك وطور ذاتك ونمي أحلامك.
رواية The Monk Who Sold His Ferrari
رواية من روائع الكاتب الكندي الشهير روبين شارما، وهو واحد من أفضل من تقرأ لهم في روايات تطوير الذات، لذا تعد جميع كتبه ومؤلفاته من أفضل قصص تطوير الذات، وفي هذه الرواية التي تم ترجمتها لأكثر من سبعين لغة حول العالم ولاقت إقبالًا كبيرًا عليها ضمن مؤلفات التنمية البشرية يقدم لنا شارما فيها نموذج لشخص تخلى عن كل ما يملك من أموال وشهرة من أجل فقط أن يستكشف نفسه ويجيب عن التساؤلات المطروحة بداخله.
تدور رواية روبن شارما حول شخص ثري بسبب عمله كمحامي شهير اسمه جوليان مانتل، كان يمتلك بيت فخم وطائرات وسيارات ومنها سيارة فيراري حمراء، وعلى الرغم من هذه المقومات لم يكن يعش حياة سوية بل كان يعيش من أجل اللاشيء، وفي إحدى مرافعاته في المحكمة تعرض جوليان إلى سكتة قلبية كادت أن تودي بحياته.
قرر جوليان بعدها أن يترك نفسه لنفسه، ليغوص في مكنوناته ويجيب عن أسئلتها، فقرر السفر في رحلة طويلة حتى يبحث عن أجوبة لكل ما يدور بداخله، باع جوليان كل ما يملك من قصور وسيارات وطائرات، حتى سيارته المقربة إليها الفيراري قرر بيعها.
نستفيد من هذه الرواية لروبن شارما بأنه يجب التخلي عن كل الحدود والقيود التي تحول دون راحته النفسية، وأن معظم هذه القيود نحن من نصنعها وليست الظروف، كما يؤكد شارما في روايته على أهمية القراءة التي تغذي أرواحنا قبل عقولنا ولابد أن تحدث تغييرًا في أنفسنا، كما يؤكد شارما على أهمية الابتعاد عن دور الضحية التي تجعلنا دائمًا نرمي مشاكلنا على الآخرين وعلى الظروف المحيطة بنا.
والأهم في تطوير ذاتنا هو أن عقولنا تتفق مع أجسادنا، فلابد أن يعبر كل فعل منا عن حاجة أو رغبة أو حلم بداخلنا، وقد نحتاج إلى الابتعاد قليلًا عن كل ما يسبب لنا ضوضاء أو تشتت في داخلنا لنرى الحياة من منظور آخر، وبالتالي تنمية ذواتنا تعتمد علينا نحن فقط، وعلينا أن نستغل كل ما يحدث لنا لنتغير للأفضل وليس للأسوأ.
ختامًا، روايات تطوير الذات هي أداة مساعدة لكل شخص يبحث عن طرق لتغيير حياته وتطوير ذاته وتنمية قدراته مهاراته، فالجميع يمتلك مهارات وأحلام ولكن ليس الجميع قادر على التعبير عن هذه الأحلام أو الاستفادة من هذه المهارات، لذا فتطوير الذات من أهم أركان التنمية البشرية التي تأخذ بيد الكثيرين نحو التألق والنجاح والإبداع.
هذه الروايات أبطالها ليسوا خارقين، بل هم أشخاص عاشوا مثلنا ربما أسوأ، قداتهم الظروف إلى تحقيق النجاح الداخلي أولًا قبل أن يصبحوا مؤثرين، كلًا منهم بحث بنفسه عن ما يميزه، وحارب وكافح والأهم أنه تحدى كل مرة فشل بها ليصبح صاحب حلمه وليس مساهم في حلم شخص آخر.