هل لا حظت يومًا أن إنجازك في شيء ما يتحسن عندما يقل إهتمامك به وقلقك عليه ؟ أو أنك كنت تبحث عن شيء ولم تجده إلا عندما توقفت عن البحث عنه ؟ هناك إحتمال لأن تكون قد عرفت في حياتك شخصًا وأنه في وقت من الأوقات لم يظهر إهتمامًا بشيء ما ثم لم يلبث أن حقق نتائج مذهلة، ولعلك في وقت من الأوقات لم تكن تبدي إهتمامًا كبيرًا بشيء ما ثم حققت نتائج مدهشة. هذا ما يسمى بالقانون التراجعي للفيلسوف آلان ويلسون واتس الذي تحدث عنه الكاتب مارك مانسون في كتاب فن اللامبالاة، ويمكن تلخيص القانون التراجعي بعبارة ” الرغبة في التجارب الإيجابية تجربة سلبية في حد ذاتها، وقبول التجارب السلبية تجربة إيجابية”.
يقوم أساس القانون التراجعي على عدم تفبل فكرة أن تفكر دائمًا بإيجابية وأن تكون إيجابيًا طيلة الوقت أي إنك كلما سعيت لأن يكون إحساسك أفضل طوال الوقت كلما تناقص رضاك، فملاحقة شيء ما تعزز فكرة أنك مفتقر لذلك الشيء أصلًا. كلما سعيت لأن تكون ثريًا كلما شعرت بأنك فقير، وذالك بغض النظر عن مقدار ما تجنيه من المال، وكلما إزدادت رغبتك في أن تكوني جذابة مثيرة مرغوبة كلما صرت ترين نفسك أكثر بشاعة بصرف النظر عن مظهرك الجسدي الحقيقي وكلم إزدادت رغبتك في أن تكوني سعيدة محبوبة كلما صرت أكثر إحساسًا بالوحدة والخوف بغض النظر عن الموجودين حولك.
يقول الفيلسوف ألبير كامو ” لن تكون سعيدًا أبدًا إذا واصلت البحث عما تتكون السعادة منه، ولن تعيش حياتك أبدًا إذا كنت من الباحثين عن معنى الحياة “
لاحظ كيف أن الشخص الذي يكون الأقل إستثمارًا في نجاح شيء ما هو من ينتهي به الأمر بتحقيقه في نهاية المطاف، ولا حظ كيف أن كل شيء يبدو وكأنه يتخذ مكانه الصحيح عندما تكف عن الإفراط في الإهتمام به.
يقول الكاتب مارك مانسون ” ما يثير إهتمامي في القانون التراجعي هو أنه يدعى بالتراجعي لسبب وجيه هو أن لعدم المبالغة في الإهتمام مفعولًا عكسيًا. إذا كانت ملاحقة ما هو إيجابي أمرًا سلبيًا فإن ملاحقة السلبي تولد ما هو إيجابي، فالألم والمشقة اللذين يعرض المرء نفسه لهما في صالة التمرينات الرياضية يؤديان إلى صحة أفضل وإلى طاقة أكبر، وحالات الفشل في الأعمال هي ما تقود إلى فهم ما هو ضروري من أجل تحقيق النجاح، والأمر الغريب أن كونك منفتح على منابع قلة أمانك يجعلك أكثر ثقة بنفسك ويجعل الآخرين أكثر إعجابًا بك. إن ألم المواجهة الصادقة هو ما يولد أكثر قدر من الثقة بك، ويولد إحترامك لدى معارفك، كما أن معاناتك عندما تجتاز مخاوفك وكل ما يقلقك هي ما يسمع لك ببناء شجاعتك ومثابرتك.
اقرأ أيضاً: تعرف على افضل كتب التنمية الذاتية
كل ما له قيمة في الحياة يجري كسبه من خلال التغلب على التجارب السلبية التي ترافقه، وأي محاولة للهروب من السلبي أو تجنبه أو إسكاته أو قمعه سيكون لها أثر عكسي، فتجنب المعاناة ليس إلا شكلًا من أشكال المعاناة نفسها، وتجنب الصراع صراع بحد ذاته، وإنكار الفشل فشل، وإخفاء ما نخجل منه هو خجل نظهره.